​قصيدة .. بعنوان متحدون ... للشاعر محمود الدليمي

​قصيدة .. بعنوان متحدون ... للشاعر محمود الدليمي

​قصيدة .. بعنوان متحدون ... للشاعر محمود الدليمي

عليكم وقد مالَ العراقُ نُعَوِّلُ

وملءَ عيونِ اليأسِ فيكم نُؤمِّلُ

إذا غيرُكم حازَ الملذّاتِ إوّلاً

فكونوا وأنتم في المُلِمّاتِ أولُ

ولو غَيرُكم في يومِهِ اجترَّ أمسَهُ

دعونا بكم نَحيا لِما هُوَ مُقبِلُ

فأنتم لسانُ الشعب والشعبُ صامتٌ

وأنتم سلاحُ الشعبِ والشعبُ أعزلُ

وأنتم رغيفُ النائمين على الطَّوى

وحصنٌ لأمنِ الخائفين ومَعقِلُ

وما ماتَ أصحابُ المبادي ولَم تَمُتْ

لأن المبادي لا تَشيخُ وتَهزِل

بـ "متحدون" من نرى في وُجوهِهِم

بأنَّ غداً يومٌ أَعَزُّ وأجمَلُ

سأنسجُ من أهدابِ شعري فرائدا

لِمن بهمُ عينُ العراقِ تُكَحَّلُ

لِمَن يَتّقونَ النّارَ قبلَ اندلاعِها

فإن نَشَبَت كانوا طَلائعَ مَن صُلُوا

ولا عيبَ في مدحِ الشرافِ فإنّه

يَزيدُ بريقُ السّيفِ ساعةَ يُصقَلُ

وَمُتّحدونَ اليومَ تحتَ أمانةٍ

جِبالٌ رَوَاسٍ تَحتَها تَتَقلقَلُ

مُعَوَّلُنا فيها فَوارسُ غَيرَةٍ

تُحَمحِمُ نَشوَى حينَ تُنخَى وتَصهَلُ

بِبِيضِ الأيادي والقلوبِ .. هُوُيّتي

محصنةٌ كالنّبضِ في القلبِ تُحمَلُ

يزيدُون لِيناً بينَ خَصمٍ مُكاسِرٍ

وبينَ قريبٍ ننتَخيهِ فَيخذِلُ

حذارِ ثعابين الخلاف كَعَهدِها

ترى فجوةَ بينَ الصفوفِ فَتَدخُلُ

بماذا سيعلو الساقطون؟ أغيَرِ أن

يَرَوا شُرفاءً يسقطونَ لِيعتَلُوا؟

لقد أجَّجُوا لكنَّ دجلةَ رحمةٌ

تُكَبِّرُ ماءً والفراتُ يُهلِّلُ

وزدتُم بذم الناقصينَ وأُنقِصوا

وحورِبتُمُ بالفاشلينَ فأُفشِلوا

ولم يَجِدوا أيَّ اتهامٍ فلفَّقُوا

وإذ لم يَرَوا صِدقا يُقالُ تَقَوَّلوا

وكانوا غباءَ الصخرِ عاقَ طريقكم

وكنتم ذَكاءَ الماءِ إذ يَتَسَلَّلُ

ونلتم من العدوان ما نال أهلكم

وقد كنتمُ أهلاً لأن تتحملوا

لقد حُمِّلَت بغدادُ فوقَ احتِمالِها

وناءَتْ بما يُعيِي الرمادي وَمَوصلُ

حَويجَتُنا نَزفٌ وبُهرُزُنا دَمٌ

وفَلّوجةٌ نارٌ وتَكريتُ مَرجِلُ

مَدائنُ في دوامَةِ الموتِ لم يَعُدْ

يُيَتَّمُ من حَيٍّ بهنَّ وَيَثكَلُ

نُكَتِّمُ آلاما تشقُّ قلوبَنا

كما ضاقَ بالبركانِ غيظٌ مُزلزِلُ

ونكظِمُ طوفاناً من الحزنِ لو جَرَى

لما ظَلَّ فوقَ الأرضِ شِبرٌ مُؤهَّلُ

مُهدَّدَةٌ أصواتُنا لو تَقيسُها

بمليونِ صوتٍ مُطمَئنٍّ ستفضُلُ

وَحفنَةُ اصواتٍ بكفِّ أسامةٍ

لأرجَحُ وزناً من جبالٍ وأثقَلُ

على أننا حبُّ الحياة إمامُنا

يُؤذِّنُ : أن اليأسَ موتٌ مُؤجَّلُ

كَفَرنا بدينِ الطائفيةِ إنها

خناجرُ في قلبِ العراقِ وأنصُلُ

هي النارُ مَن يَنفخْ عليها فإنها

تُسَوِّدُ وجهَ النّافخينَ وتُشعِلُ

إذا سَقَطَ القانون في يدِ ظالم

سيعتذرُ المقتولُ ممّن سَيَقتُلُ

مُسَيلَمةُ الكذّابُ قَرَّرَ فَجأةً

على أرضِنا يُوحَى إليهِ وَيُرسَلُ

وَجاءَ بِقرآنٍ لِشِدّةِ صِدقِهِ

تَطَايَرَتِ الأفيالُ وَهوَ يُرتّلُ

وأردَتْ سجاحٌ سبعةً عِدلَ سبعةٍ

مُعلِّمَةً إبليسَ كَيفَ يُدَجِّلُ

وكم نكراتٍ مَلَّ قاموسُ مالِهم

يُجَمِّلُ في تَعريفِهم ثمَّ يَفشَلُ

تصاويرُهم تبدي ابتساماتِ وادعٍ

ومن تَحتها مَوتى تَصيحُ وتُعوِلُ

هو الطبعُ .. لا تأمرْ دنيئاً بعفّةٍ

ففي فَمِهِ طَعمُ الأطايبِ حنظَلُ

وما الناسُ تَبغي غير رأسٍ يَسوسُها ؟

وليسوا همُ الرأسَ الجديرَ لِيُحمَلُوا

وما قدّمُوهم كي يَكونوا عبيدَهم

ولا رَفَعُوهم قطُّ كي يَتَسَفَّلُوا

تنخلهم شعب مشاريعَ خدمةٍ

فوا خيبتاه بالذينَ تُنُخِّلُوا

وهل خدمةُ الإنسانِ إلا عبادةٌ

يَعَضُّ عليها بالنّواجذِ مُرسَلُ

إذا أنتَ لم تَسهَرْ لتحمي رقادَهم

وإن لم تَجُعْ بين اليتامى لِيأكلوا

فقد خُنتَ حتى اللهَ جلَّ جلالُهُ

ولا تسألِ المفتي فَفتوايَ أعدَلُ

فكم قاءتِ البلوى علينا بثعلب

عميلِ عميلٍ لونُهُ يَتبدّلُ

أعيدوا انتخابي تبتُ عن سرقاتكم

على أن ذيلَ الكلبِ لا يتعدل

وأن المبادي في فم الدونِ عِلكَةٌ

متى ما خَلا عن أعينِ الناسِ يَتفُلُ

ومن يرجُ ذيلاً ذلَّ رأسُ رجائِهِ

وَمَن يَرجُ ذيلَ الذيلِ فهوَ مُغفَّلُ

إذا الرأس أمسى عالةً فوقَ جسمِهِ

فلا بُدَّ يوماً ما عن الجسمِ يُفصَلُ


شارك الموضوع ...