​فورين بوليسي: احتجاجات البصرة تغذي غضب المحافظات الأخرى.. و”الانفجار” سيقع في أي لحظة

​فورين بوليسي: احتجاجات البصرة تغذي غضب المحافظات الأخرى.. و”الانفجار” سيقع في أي لحظة

احتجاجات البصرة تغذي غضب المحافظات

بغداد – ناس ... قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، إن الاحتجاجات التي شهدتها مدينة البصرة، تأتي عقب سنوات طويلة من تجاهل الحكومة العراقية والمجتمع الدولي للمدينة الجنوبية، وكان السبب خلف تفاقم الاحتجاجات بالفترة الأخيرة، تركيز بغداد على هزيمة داعش في الشمال، وتجاهل أصوات العراقيين، وعدم توزيع الموارد بشكل متكافئ بين المحافظات العراقية ككل، ما أدى إلى انفجار الأوضاع في البصرة، التي كانت تشبه بمدينة البندقية الإيطالية، والتي أصبحت الآن مستنقعاً لمياه المجاري التي تملأ ممرات شط العرب، المعبر المائي الأول في العراق.

وجاء في تقرير المجلة الأميركية الشهيرة، إن “غضب البصرة، يتعدى الحكومة العراقية مستهدفاً جهات خارجية على رأسها إيران التي تلعب دوراً في دعم أحزاب وميليشيات تابعة لها في العراق على حساب غيرها، وتأكيد ذلك هجوم سكان البصرة على مقرات إيرانية أبرزها القنصلية خلال احتجاجات أيلول الماضي”. ودوافع الغضب لدى العراقيين في البصرة كثيرة، لا سيما وأن 80% من إجمالي الناتج المحلي العراقي يأتي من نفط البصرة، باعتبارها المنطقة الوحيدة المفتوحة على مياه شط العرب، الذي يصدر العراق منه النفط إلى العالم الخارجي، وبالرغم من كل ثروات المدينة، تخصص حكومة بغداد ميزانية قليلة للبصرة لا تتوافق مع ناتجها الضخم، وعدد سكانها الكبير.

تهديد حقيقي

وكان لسكان مدينة البصرة باع طويل في تحرير الموصل ومدن عراقية حيوية أخرى من براثن تنظيم داعش، فشكل شبانها النسبة الأكبر في صفوف القوات المقاتلة ضد التنظيم، وبعد الحروب والمعارك الطويلة، يقول السكان الجنوبيون إن الدولة العراقية تخلت عن سكان البصرة والمناطق الأخرى القريبة منها، وتركتهم بلا وظائف أو مرتبات، أو إعادة دمج في صفوف الجيش، حتى أصبح بعظهم بلا مأوى، كون الاقتصاد العراقي المنهوب لا يستطيع دفع رواتبهم الآن. وتزداد تعقيدات المشهد في البصرة مع تصاعد غضب هؤلاء المتروكين بلا خيارات، وفي حال تفاقم غضبهم يصبح وضع العراق غير المستقر مهدداً بمزيد من عدم الاستقرار، وفقا لـ “فورين بوليسي”.

وتقول المجلة، إن “هذا كله أغضب البصرة ودفعها للمطالبة بحكم ذاتي يفصلها عن بغداد المستمرة في استهلاك ثرواتها دون رد بسيط للجميل”، مضيفة أن “خيار البصرة قد يفتح الباب أمام أصوات أخرى مظلومة في العراق”. ويقول التقرير، إن “المعروف أن البصرة لها تاريخ طويل في الاحتجاجات، وعانت في عهد صدام حسين من الظلم أيضاً، وخرجت عليه، إلا أنها لاقت قمعاً كبيراً، ما زالت آثاره تكتشف في المقابر الجماعية حتى الآن”. ودفع تجاهل بغداد المستمر، أبناء البصرة لرفع صوتهم عالياً مطالبين بتحويل المحافظة إلى إقليم، ويلقى المطلب تجاوباً من فئات مختلفة من أبناء المدينة الذين شكلوا حركات وجمعيات تدعو للاستقلال، مثل جمعية أبناء البصرة، حيث يلوح المنتمين إليها دائماً بعلم البصرة المستقل في الاحتجاجات، بحسب المجلة.

وترى المجلة أن “عاملا آخر ينذر بالانفلات الأمني في البصرة، هو النزاعات القبلية المعقدة، حيث تندلع من حين لآخر اشتباكات مسلحة بين عائلة وأخرى، ويقع ضحيتها مدنيون، ويعزز ذلك العامل ندرة تدخل القوات العراقية لفض تلك الاشتباكات وتركها وشأنها”. وتقول إن “الحكومة العراقية تتعامل بطريقة غريبة مع تلك الاحتجاجات، وتعتمد دائماً على المسكنات لا على الحلول الجذرية، لذلك فإن الخطر تفاقم، حتى وصل إلى شريان الحياة، المياه، التي أصبحت ملوثة، وطال تلوثها الناس بشكل أساسي فحرمهم من القدرة على الوصول إلى مياه نظيفة يشربونها”. وتوقعت “فورن بوليسي”، أن تزداد حدة الاحتجاجات، خاصة وأن الفساد مستشر، والاقتصاد منهار، والمياه ملوثة، والأمن منفلت، ولا سلطة للقانون هناك. ولتجاوز كل ذلك، على بغداد تقدير ظروف الجنوب، ومنحه حقوقه كاملة، ودفع عجلة التنمية سريعاً حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

لا يوجد وسوم لهذا الموضوع.