​”الخليج أونلاين” يكشف حكاية منع سفر حجاج الموصل وسرقة مقاعدهم

​”الخليج أونلاين” يكشف حكاية منع سفر حجاج الموصل وسرقة مقاعدهم

حجاج الموصل

الموصل - أحمد الملاح - الخليج أونلاين ... منعت السلطات العراقية 400 حاج من مدينة الموصل، التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة"، من التوجه إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، في حين غادر أقرانهم من المحافظات الأخرى دون أي تعقيد أو مشاكل.

رحلة طويلة وشاقة وخطرة هي التي قادت حجيج الموصل نحو عاصمة بلادهم بغداد، حيث خرجوا بحافلات كبيرة، سارت بمحاذاة الحدود العراقية السورية ووصلت إلى القرب من محافظة الأنبار، لتكون المفاجأة منع السلطات لهم من إكمال الرحلة، وعلى مدى خمسة أيام تُركوا فيها على حدود قضاء عامرية الفلوجة، قرب الأنبار، تسبب إلى جانب الإعياء والإرهاق الذي أودى بحياة بعضهم، بنفاد الغذاء والدواء.

مراسل "الخليج أونلاين" كان في استقبال العائدين المحرومين من حقهم، واستقصى معاناتهم، وكشف جانباً من الأسباب التي جعلت السلطات العراقية تمنعهم من السفر، من خلال التواصل مع بعض المسؤولين والحجاج العائدين.

"حجاج الموصل"

يقول أبو محمد، وهو أحد الحجاج من أهالي الموصل ممن عادوا أدراجهم للمدينة، لمراسل "الخليج أونلاين": "إجراءات التسجيل، والمَبالِغ المستقطعة للحج والقرعة التي تحدد أسماء الأشخاص الذين سيذهبون لحج عام 2015 تم إجراؤها قبل دخول تنظيم "الدولة" للمدينة، وأن هيئة الحج والعمرة على علم بذلك والحكومة العراقية".

وأوضح أنه "تم إبلاغهم بأن الحكومة العراقية تشترط أن يخرجوا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة لمنحهم تأشيرات السفر وتسمح بمغادرتهم العراق إلى السعودية"، متابعاً: "متعهدو الحملات قاموا بمخاطبة التنظيم وتقديم أسماء الحجاج للسماح لهم بمغادرة المدينة، وحصلت الموافقة بالفعل، وتمت مغادرة المدينة باتجاه الأنبار ومنها إلى بغداد".

ويضيف: "المفاجأة التي كانت بالانتظار رغم كل ما واجهنا من صعوبات، هي الحديث عن منعنا من المغادرة بحجة عدم وجود مقاعد، وهو ما جعلنا نطلق نداءات استغاثة للمسؤولين".

سرقة مقاعد حجيج الموصل

وفي اتصال مع حسام العبار، عضو مجلس محافظة نينوى، الذي يقيم خارجها منذ سيطرة تنظيم "الدولة" عليها، قال لمراسل "الخليج أونلاين" حول ملابسات الموضوع: "جميع الواصلين إلى بغداد هم من الفائزين في القرعة قبل دخول تنظيم داعش الإجرامي إلى نينوى".

وبيّن أن "جميع الحجاج أكملوا كافة الإجراءات الإدارية والمالية، وتسلمت اللجنة المختصة بمنح التأشيرة في هيئة الحج جوازات حجاج نينوى، ورفعتها إلى النظام الإلكتروني، ورزمت الحقائب لغرض إرسالها إلى الأردن لمنح التأشيرة".

ويتابع العبار: "ولغرض تلافي أي عقبات، تم تبليغ الحجاج بالخروج من الموصل إلى المناطق الخاضعة للسلطة الحكومية عن طريق مدير عام التخطيط في هيئة الحج السيد حسين رؤوف، وجعله شرطاً لغرض منح التأشيرة، وقد خرجوا بتاريخ 23 أغسطس/آب الماضي، ووصلوا إلى مناطق السلطة الاتحاديه في 27 من نفس الشهر".

وأضاف متعجباً: "فوجئنا يوم 29 أغسطس/آب بوجود قائمة بأسماء الحجاج المشمولين وعددهم 620 حاجاً، علماً أن عدد الفائزين بالقرعة الذين سلموا جوازاتهم ووصلوا إلى مناطق السلطة الاتحادية 970 حاجاً، باستبعاد 350، بحجة أن أعمارهم أقل من ستين سنة للرجال، وأقل من خمسة وأربعين سنة للنساء".

وأكد أن "هذه الشروط مخالفة لشروط هيئة الحج التي سجلوا من خلالها، علماً أن جميع المحافظات العراقيه قد شملت بالشروط الأساسية، إلا نينوى، وهذا ما رفضناه وحاولنا أن نوصل صوت أهلنا برفع هذا التمييز ضدهم".

"رحلة الموت"

تقول الحاجة أم حسين، وهي ضمن قافلة الموصل: "في طريقنا إلى بغداد كنا موقنين أن هناك عقبات، لكن الذي حدث أكبر من أن نسميه عقبة، فقد تم احتجازنا في صحراء الأنبار لأيام طويلة قبل الموافقة على دخولنا بغداد، بعد تدخل عدد من مسؤولي المحافظة .

وتضيف: "فقدت إحدى رفيقاتي في القافلة، وهي الحاجة إنعام الدباغ، بسبب الخوف والانتظار والمعاملة غير الجيدة ونقص وسائل الراحة والأدوية، وكادت امرأة ثانية أن تفارق الحياة من الحجاج على جسر "بزيبز"، لولا تدخل سيارة الإسعاف في الوقت المناسب".

الانتظار المؤلم

من جهته، يقول الحاج زيد: "بعد رحلة طويلة وصلنا بغداد، وتحديداً جامع أم القرى، ونحن بين ترقب وخوف من منعنا أو منع بعضنا من السفر أو الاعتقال أو غيرها من الأمور التي تجول بخاطرنا؛ افترشنا أرض المسجد وأعلنا عن مظلوميتنا، وزارنا عدد من المسؤولين، ووعدنا بأن مشكلتنا ستحل خلال أيام، ولكن تم السماح لما يقارب 600 حاج، وبقي 400 حاج بحجة العمر أو لكونه مرافقاً، وأنا منهم، وبعد يوم 13 سبتمبر/أيلول الحالي أدركنا أنه لا يوجد حل لمشكلتنا، وأن المقاعد قد تم سرقتها بالفعل، وهو ما دفعنا لحزم الحقائب استعداداً للعودة إلى الموصل".

ما الذي حدث بالفعل

بعد سيطرة تنظيم "الدولة" في 10 يونيو/ حزيران 2014 على مدينة الموصل ذات أكبر كثافة سكانية في العراق بعد العاصمة العراقية بغداد، وبعد أشهر من دخوله المدينة، فرض على أهلها حصاراً خانقاً ومنع الخروج منها إلا بكفيل من داخل المدينة يضمن رجوع المغادر، أو بكفالة مالية بتقديم سند عقار أو سيارة حديثة تصادر في حالة عدم العودة.

جعل هذا الأمر- حسب مراقبين- الحكومة العراقية تعتقد بأن التنظيم لن يرسل حجاج الموصل ولن يسمح لهم بالمغادرة من المدينة، ولكن التنظيم فاجأ حكومة بغداد باستعداده لمنح الحجاج حرية المغادرة، وهو ما أربك استعدادات هيئة الحج التي لم تتوقع حدوث ذلك.

وفي الوقت نفسه تنتشر شائعات يتناقلها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، تؤكد أن مقاعد حجاج نينوى قد تم بيعها لمسؤولين ومتنفذين بالحكومة، وطالب الناشطون بفتح تحقيق بالأمر.


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

الخليج أونلاين  ,   حاج  ,   الموصل  ,