العبادي يواجه اختيارات محدودة في الرمادي ويختار أخطرها

العبادي يواجه اختيارات محدودة في الرمادي ويختار أخطرها

حيدر العبادي

غداد (رويترز) - في الشهر الماضي زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قاعدة الحبانية العسكرية في قلب المناطق السنية في العراق كي يلهب حماس المقاتلين المؤيدين للحكومة الذين يعتبر دورهم أساسيا في المعركة الرامية لهزيمة مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية.

غير أن استيلاء التنظيم على الرمادي عاصمة محافظة الأنبار أرغم العبادي -الذي رأي فيه البعض في وقت من الأوقات أفضل أمل لرأب الانقسامات الطائفية- على أن يجرب أخطر الخيارات القليلة المتاحة وذلك بنشر قوات الحشد الشعبي المؤلفة من جماعات شيعية مسلحة تعتبر منذ مدة طويلة مصدرا لزعزعة الاستقرار.

ويوم الاثنين وصلت دفعة تضم ثلاثة آلاف مقاتل شيعي إلى قاعدة الحبانية قرب الرمادي في بداية تحرك بغداد لاستعادة المدينة الغربية التي سقطت في أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية في أكبر هزيمة تمنى بها الحكومة منذ منتصف العام الماضي.

وتقول الجماعات الشيعية المسلحة إنها تركز على تخليص العراق من التنظيم الذي استولى على مساحات كبيرة من أراضي سوريا أيضا.

ويقول كثير من الطائفة السنية إن مقاتلي تلك الجماعات يخطفون أفرادا من السنة ويقتلونهم لأن الحكومة غير مستعدة لكبح جماحها وأضعف من أن تفعل ذلك. وتنفي الجماعات تلك الاتهامات.

ومع استيلاء الدولة الاسلامية على الرمادي نفدت الخيارات المتاحة أمام العبادي للتصدي للتنظيم المتشدد الذي استولى بالفعل على أجزاء كبيرة في شمال العراق وغربه.

ولم تثبت القوات المسلحة العراقية حتى الآن قدرتها على التصدي للدولة الاسلامية دون مساعدة الجماعات الشيعية المدعومة من ايران التي تتمتع بنفوذ كبير لدى حكومة العبادي.وعندما حل العبادي محل نوري المالكي المثير للانقسام كرئيس للوزراء عام 2014 بدا متفائلا بأن من الممكن رأب الانقسامات الطائفية التي تمزق أوصال البلاد.

وتعهدت حكومته مرارا بتدريب وتجهيز عشائر سنية في الأنبار على أمل تكرار نموذج "الصحوات" الذي طبق خلال عامي 2006 و2007 عندما رفعت الولايات المتحدة أعداد قواتها في العراق وقلب مشاة البحرية الطاولة على تنظيم القاعدة الذي خرج من عباءته تنظيم الدولة الاسلامية.

غير أن الآمال في تحالف جديد مع العشائر السنية تراجعت حتى بعد أن زاد الطابع الملح للتحرك بسبب مذابح لمئات من أبناء العشائر ارتكبها التنظيم المتشدد. جراس الإنذار

أطلق ما أحرزه تنظيم الدولة الاسلامية من تقدم في الرمادي المزيد من أجراس الإنذار حتى بين العشائر السنية نفسها التي ترتاب في قوات الحشد الشعبي ما اضطر العبادي إلى اتباع الخيار العملي الوحيد.

ويقول محللون إن ذلك يجعل ايران في موقع صاحبة القرار مع تزايد اعتماد حكومة العبادي على حلفائها الأقوياء من الجماعات الشيعية المسلحة.

وقال تشارلز ليستر الباحث الزائر بمركز بروكينجز الدوحة "لا أعتقد أن العبادي مناهض للسنة بنفس الدرجة الضارة التي كان عليها نوري المالكي لكني لا أعتقد أن لديه اختيارا في هذه اللحظة."

وأضاف "وعندما تسمع أن مجلس محافظة الانبار يطالب الحشد الشعبي بالمشاركة في القتال في الأنبار فهذا يمنحه في الأساس المبرر الذي ربما يحتاج إليه بشدة ليقوم فعليا بآخر محاولاته وهو نشر تلك الجماعات المسلحة."

ويتنبأ ليستر بأن الجماعات الشيعية المسلحة ستكتسب دورا أكبر بكثير في الأسابيع القليلة المقبلة مع مواجهة حكومة العبادي احتمال تزايد طموحات الدولة الاسلامية التي تعهدت بالوصول إلى بغداد.

ومن المستبعد أن تسقط العاصمة في أي وقت قريب بسبب وجود كبير للجماعات الشيعية المسلحة والقوات الخاصة.

لكن وجود الدولة الاسلامية في الرمادي القريبة يثير أسئلة جديدة عن مصير العراق الذي استفاد من الضربات الجوية الامريكية ضد التنظيم لكنه مازال يواجه خطرا أمنيا جسيما من المتشددين. الرمادي إلى تعميق الانقسامات في العراق حتى فيما بين السنة.

وفي حين رحب بعض شيوخ العشائر بالجماعات الشيعية فإن كثيرين يتشككون الآن في أن العبادي يختلف كثيرا عن المالكي.واتهم الشيخ علي حماد من بلدة الفلوجة في الأنبار الحكومة بتعمد السماح بسقوط الرمادي لتوفير ذريعة لنشر الجماعات الشيعية المسلحة.ومضى يقول "كانوا يريدوننا ان نصل الى هذه النقطة. الناس و مجلس المحافظة كانوا مرغمين على الموافقة على دخول الحشد لانهم لم يعطوا السلاح الى السنة."

وأضاف "ماذا فعل لنا؟ نعم... ان اسلوبه يختلف ولا يتحدث بطريقة طائفية لكننا لم نر أي شىء ملموس يجعلنا نقول إنه يختلف عن المالكي. العبادي لا يحكم بغداد. الميليشيات هي التي تحكم."

*انقسامات عشائرية

وقال عبد الحليم الرهيمي من هيئة المصالحة الوطنية التابعة لرئاسة الوزراء إن الانقسامات العشائرية أثنت العبادي عن تسليح السنة في الأنبار.

وفيما سبق سقطت أسلحة كان من المفترض أن تحصل عليها العشائر في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية. و قال الرهيمي "السرعة التي تراجعت بها قوات الشرطة والجيش من الرمادي اعطت المبرر للحكومة للجوء وبسرعة إلى الحشد لاستعادة التوازن. لا أرى مشكلة في ذلك طالما أن كل مجاميع الحشد تعمل تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة."

وسيمنح الحذر بشأن تسليح العشائر السنية الفصائل الشيعية مزيدا من النفوذ والأهمية خاصة إذا كانت لدى تنظيم الدولة الإسلامية خطط لأجزاء أخرى من العراق.

ويقول حسن حسن وهو مؤلف كتاب عن تنظيم الدولة الإسلامية إن التقدم في الرمادي سيثني السنة الذين كانت لديهم الشجاعة ذات يوم لقتال الدولة الإسلامية عن حمل السلاح.

وأضاف "سيغير هذا سير الأمور. إنه المسمار الأخير في نعش أي أمل في أن يتحد السنة للقتال ضد الدولة الإسلامية."

وتعاطف بعض زعماء العشائر السنة مع العبادي قائلين إن خصومه السياسيين من الشيعة استغلوا الفزع بشأن الرمادي لتصبح لهم اليد العليا.

وقال الشيخ زياد مناجد سليمان وهو من الرمادي "لو كان الامر بيد العبادي لقام يتسليح العشائر السنية ولكن الاطراف الشيعية تمنعه من القيام بذلك."

وأضاف "انه رجل يسعى لايجاد حل ولكنه يتعرض لضغوط سياسية."


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

لا يوجد وسوم لهذا الموضوع.