​سفير واشنطن الأسبق ببغداد: خطّة أمريكا لمُحاصرة “الدولة الإسلاميّة” في الموصل والرقّة مصيرها الفشل

​سفير واشنطن الأسبق ببغداد: خطّة أمريكا لمُحاصرة “الدولة الإسلاميّة” في الموصل والرقّة مصيرها الفشل

جيمس جيفري

رأي اليوم - تغيَّر المشهد في العراق بشكل ملحوظ منذ أيلول (سبتمبر) 2014، حيث بدأ يُقدم بعض العِبر المهمة الرئيسية بشأن طبيعة الصراع المحلي. فقبل عاميْن، كان تنظيم “الدولة الإسلامية” قد أحكم قبضته على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق. غير أنّ الهجمات التي شنّها في “إقليم كردستان” دفعت بالولايات المتحدة ودول أخرى إلى زيادة تدخّلها. وفي ذلك الوقت، اعتقد بعض العراقيين أنّ واشنطن تردّدت لفترة طويلة في التحرك بعد سقوط الموصل بخلاف جهات فاعلة أخرى كانت قد كثّفت جهودها لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” خلال الفترة نفسها، مثل إيران وروسيا و”قوات الحشد الشعبي” الشيعية. واليوم، قالت دراسة جديدة لمعهد واشنطن، أعدّها جيمس جيفري، سفير واشنطن الأسبق في بغداد وأنقرة، أنّ القدرات العسكرية والدفاعية لـ تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق تدهورت، كما تداخلت خسارة الجماعة لأراضٍ مهمة مع قدرته على التجنيد، وبثّ الذعر في النفوس، والاستفادة من أصول النفط. وكانت هذه الإنجازات ممكنة إلى حدّ كبير بفضل الشراكة بين قوات الأمن العراقية و”قوة المهام المشتركة”، وهو التحالف العالمي الكبير المكلف بمهمة الاضطلاع بتنفيذ “عملية الحل المتأصل”. وبرأيه، أثبتت هذه الشراكة نجاحها الباهر في تحرير مدن عراقية رئيسية، رغم أن السؤال لا يزال يتمثّل بالكيفية التي سيتذكّر فيها العراقيين عوامل الصراع الحاسمة في المستقبل. وعلى كلّ حال، تابع جيفري قائلاً إنّه يمكن استخلاص ثلاث عِبر من الحملة العسكرية حتى الآن.

أولاً، أهمية القيادة في الحرب. فلم تكن إخفاقات القوات العراقية والكردية العادية هي التي مكّنت تنظيم “الدولة الإسلامية” من التوسّع بين عاميْ 2011 و2014، إنمّا عجز القيادة عن التصرّف بحزم في مواجهة التحذيرات المتكررة بأن التنظيم سيشنّ قريباً هجمات كبيرة.

ثانيًا، أكّد جيفري، كررت الحملة التأكيد على أهمية القوات الصغيرة العدد والباسلة في ملاحقة العدوّ رغم نقص قواها البشرية.

وعلى الرغم من أن قدرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على اكتساب قابليّة تحرّك متفوّقة وتركيز قواته على خطوط المواجهة الأمامية ساهمت في النجاح الذي حقّقه في وقت مبكر، إلّا أنّ أعداءه تمكنوا منذ ذلك الحين من إثقال كاهله وتقويض قدراته.

ثالثًا، قال سفير واشنطن الأسبق، شكّل عاملاً الوقت والإنهاك سلاحًا فعّالاً لكافة الأطراف المشاركة في الحرب. لكن الأحداث قد أظهرت أيضًا أنه غالباً ما تكون لهذا السلاح نتائج عكسية.

وستتضمّن المراحل القادمة من هذه الحرب، أوضح جيفري، الاقتتال في الأراضي العراقية غير الخاضعة للسلطة. ومن أجل التصدّي لأي هجمات قد يشنّها تنظيم “الدولة الإسلامية” في المستقبل من هذه الأراضي، على الولايات المتحدة مضاعفة تعاونها مع قوات الأمن العراقية، وتسليحها وتدريبها في مجالات مكافحة الإرهاب، وضبط أمن الحدود، وتقنيات الاستخبارات، واستهداف مواقع محدّدة، من بين أمور أخرى. ويتعيّن على واشنطن أيضًا، شدّدّ جيفري، العمل عبر تحالف مجموعة “الدول العشرين” على تعزيز الإصلاح والتعاون بين القوات العراقية و”قوات البشمركة الكردية”، إلى جانب تنفيذ مشاريع حكوميّة في المناطق السنّية والشيعية على حد سواء، على حدّ تعبيره. ومع ذلك، يبقى السؤال، أضاف جيفري: كيف سيتمّ إلحاق الهزيمة بـ تنظيم “الدولة الإسلامية” في النهاية؟ وتابع: يقول البنتاغون إنّه يعتزم محاصرة وتدمير تنظيم “الدولة الإسلامية” في الرقة والموصل، لكن هذا الأمر قد لا يُترجم بالضرورة إلى هزيمة: ففي أفغانستان خلال عام 2001 وفي العراق في عام 2003، أدّى انهيار مقاومة العدو إلى عودة العناصر كمتمرّدين. وتزداد احتمالات مثل هذه النتيجة بشكل خاص نظرًا إلى الفراغ المستمر في السلطة في معظم أنحاء البلاد. وعمومًا، رأى السفير الأمريكيّ الأسبق، ركّز قسم كبير من السياسة الأمريكية في سوريّة على إيجاد حلول على المستوى الوطني. ولفت إلى أنّ سوريّة ستبقى دولة مدمّرة في المستقبل المنظور، لذلك على واشنطن التخلّي عن ميلها نحو إيجاد الحلول المناسبة لكافة المشاكل والتركيز عوضًا عن ذلك على السيطرة على النزاع من خلال إيجاد ترتيبات محلية تصاعدية (من خلال البدء بالتفاصيل ثم التعبير عن التصورات العليا). وانطلاقًا من نفس الاعتبار، عليها أن تبقى منخرطة في سوريّة. ولفت جيفري إلى أنّه على الرغم من أنّ الإرهاب لا يشكّل تهديدًا وجوديًا، إلّا أنّه يملك القدرة على تغيير المشهد السياسي المحلي في أوروبا (لصالح روسيا) والولايات المتحدة. وأخيرًا، خلُص السفير الأمريكيّ الأسبق إلى القول، إنّه يتعيّن على واشنطن اتّخاذ خطوات لضمان أنّ تدمير تنظيم “الدولة الإسلامية” في الرقة والموصل لا يدفع ببساطة بعناصره إلى الدول المجاورة والتسبّب بزعزعة استقرارها بشكلٍ أكبرٍ، على حدّ تعبيره.


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

جيمس جيفري  ,   الموصل  ,   إيران  ,   روسيا  ,