​كلمة السيد النجيفي في المؤتمر الموسع لائتلاف متحدون للاصلاح

​كلمة السيد النجيفي في المؤتمر الموسع لائتلاف متحدون للاصلاح

أسامة عبد العزيز النجيفي نائب رئيس الجمهورية

أكد السيد أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية رئبس ائتلاف متحدون للاصلاح إن اسمُ متحدون سيكون ليس اسما لحزبِ أو كتلة بل عنوانا عريضا للردِ على مرحلةٍ سام فيها الإنسانُ العراقي شتى أنواعِ الظلمِ والقهرِ.

وأضاف خلال تجمع حزبي واسع عقده في أربيل يوم الجمعة الثاني عشر من ايار بحضور جمع من الشخصيات والرموز الوطنية في البلد ، إننا تنتظرُ أن يكونَ صوتُ حزبِكم وفعلِه منسجما مع ما هو مطلوب منه في هذه المرحلةِ الدقيقةِ الحاسمةِ من تاريخِ شعبِنا.

وفيما يلي نص كلمة السيد رئيس أئتلاف متحدون للإصلاح:

بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الأخواتُ الفضليات

أيها الأخوةُ الأفاضل

السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه

اليوم أقفُ أمامَكم وفي القلبِ سفرٌ من طموحاتٍ وآلامٍ وتضحيات هي ملامحُ وبصماتُ شعبِنا في نضالِه من أجلِ الحريةِ والكرامةِ والمستقبلِ الآمن .

اليوم نستحضرُ الجذوةَ المتوقدةَ في تاريخِنا ونمنحُها العزيمةَ والقوةَ للارتقاءِ بوضعٍ لم يعدْ الدفاعُ عنه مقبولا ، بل المقبولُ هو العملُ على تغييرِه والانسجامِ مع ارادةِ الشعبِ في رفضِ الظلمِ والفسادِ والإرهابِ والتفردِ واحتكارِ السلطة .

لقد كانت تجربتُنا برغمِ ما تضمنت من نقاطٍ ايجابيةٍ ، مريرةً ، شاهدُها الفرقُ بين الارادةِ والطموحِ وبين واقعٍ مطعونٍ بالإقصاءِ والتهميشِ والانفرادِ بالقرارِ السياسي والأمني وعدمِ التوازن .

إلى ذلك يكونُ الوعيُ بالواقعِ بوابةً للتغييرِ وليس الشكوى ، ويكون الارتباطُ الحقيقيُ بالوطنِ : العملَ من أجلِ أبنائِه ، والتضحيةَ لإعلاءِ كلمةِ الحقِ والعدل .

لقد فعلَ الإرهابُ فعلَه الشريرِ المكتسح ، فأحالَ مواطنينا إلى نازحين ومهجرين ، ومدنَنا إلى خرائبَ ، وآمالَنا إلى جسدٍ مثخنٍ بالجراح .

وبرغمِ كلِ ذلك وبعيدا عن توجيهِ اللومِ والاتهاماتِ نؤكد أن الأداءَ الحكوميَ لم يرتق إلى أيةِ نسبةٍ معقولةٍ في معالجةِ الأوضاعِ والتخفيفِ من آلامِ المواطنين .

فما زال أبناءُ شعبِنا في ديالى والأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وحزامِ بغداد بعيدين عن الحدِ الأدنى لحياةٍ كريمةٍ حرة . وما زال أبناءُ شعبِنا في الحويجة والموصل وأجزاءٍ من الأنبار يعانون مرارةَ الأسرِ في ظلِ داعش بكلِ اجرامِه ولا إنسانيتِه . أما الحديثُ عن النازحين وما يعانونه من نقصٍ فادحٍ في الغذاءِ والدواءِ والسكنِ والاحتياجاتِ الأخرى فإنه أوضحُ من تذكيرِ حضراتِكم به ..

أيتها الأخوات

أيها الأخوة

إننا نشيدُ بالدورِ البطولي والتضحياتِ الكبيرةِ لجيشِنا البطل وقواتِنا المسلحةِ الباسلةِ وكلِ من شاركَ وساهمَ في معركةِ تحريرِ الموصل والعملِ من أجلِ الخلاصِ من تنظيمِ داعش الإرهابي بكلِ سوداويتِه وفكرِه المريض ، ونشيرُ أنَ صفحاتِ المعركةِ شهدت أيضا استخداما مفرطا للقوةِ النارية من قبلِ بعضِ الأجهزةِ ما ولدَ ردودَ أفعالٍ من الصعبِ التكهنُ بنتائجِها الضارة .

وفي ظلِ هذه الأوضاع ليس أمامنا غيرَ دعوتِكم للتضامنِ والتكاتفِ وتجاوزِ آلامِ الماضي وفتحِ بواباتِ الحياةِ والمستقبلِ على مصاريعِها ، ولكم في تجربةِ متحدون الدرسَ والقدوةَ الحسنة ، فمنذُ اللحظاتِ الأولى لاحتلالِ الموصل من قبلِ الإرهابيين انبرى شبابُ متحدون يحدوهم الشرفُ والدورُ الوطني والتضحيةُ من أجلِ القيمِ في مساعدةِ أهلِهم وتخفيفِ جراحِ وآلامِ المواطنين الذي وجدوا أنفسَهم بلا عونٍ أمامَ عدوٍ همجي لا ينتمي إلى أيةِ قيمةٍ إنسانية .

ومنهم انطلقَ حرسُ نينوى ، انطلق وسطَ الجراح ليحملَ اسمَ الموصل ، ويتوحدَ اسما وفعلا مع مدينةِ البطولاتِ والتاريخِ والمآثرِ والحضارة . وكانت مشاركتُه في تحريرِ الساحلِ الأيسر نموذجا للعملِ المهني المسترشدِ بالقيمِ والانضباطِ العسكري بشهادةِ كلِ منصف ، لقد منحوا مدينتَهم الشهداءَ والجرحى والعرقَ والدماء ، منحوها روحَهم بطيبِ خاطرٍ برغمِ الواقعِ الملتبس ، وبرغمِ الاجندات التي حاولت وتحاول ابعادَ أبناءِ الموصل عن حقِهم وواجبِهم في تحريرِ المدينةِ ومسكِ الأرض .

وهنا نؤكد أنَ مسكَ الملفِ الأمني لابد أن يكون لأبناءِ نينوى ولأبناءِ كلِ المحافظاتِ التي ابتليت بداعش في الأنبار وديالى وصلاح الدين وفي كلِ المناطق التي شهدت الفعلَ الأسودَ للإرهابيين ، وفي مرحلةِ ما بعد الانتخاباتِ واختيارِ الأصلحِ من أبناءِ شعبِنا في هذه المناطق ستكونُ المهمةُ الأولى بناءَ واعمارَ ما دمر من قبلِ الإرهابِ أو العملياتِ العسكرية ، والاعمارُ الأهمُ هو اعمارُ النفوسِ التي جرحت في العمق .

إن لمرحلةِ ما بعدَ داعش استحقاقاتُها ، ذلك أنَ من قصرِ النظرِ والاستعجالِ غيرِ المسوغِ أن نسمحَ للظروفِ بإنتاجِ نسخةٍ جديدةٍ من داعش ، والاستحقاقُ الأهمُ هو احترامُ إرادةِ المواطنين في اختياراتِهم السياسية ومستقبلِهم بضمنها حقُهم في تشكيلِ الأقاليمِ ضمنَ الحدودِ الجغرافيةِ لأيةِ محافظةٍ تحتَ سقفِ الدستورِ والقوانين النافذةِ وبما يعزز وحدةَ العراقِ ويمنحُها الصلابةَ والدوام .

إننا ندرك أنَ النظرةَ الفاحصةَ العميقةَ لا يمكنُ أن تتجاوزَ الأوضاعَ التي نشأت في مدنِنا وقصباتِنا ، أو مستقبلِ الأقلياتِ الدينيةِ والعرقيةِ والطائفية ، كما لا يمكنُ تجاهلُ مستقبلِ العلاقةِ مع اقليمِ كوردستان وأهميةِ منحِ هذه العلاقة بعدَها الجماهيري القائمِ على مصالحَ مشتركةٍ عمادُها التعاونُ والتآزرُ لا الخلاف والخصام .

ذلك أن الفهمَ القائمَ على الاستغلالِ ومنطقِ القوةِ وديكتاتوريةِ الأغلبيةِ لم يعد مناسبا ، ولا مستقبلَ له ، فعالمُ اليوم عندما يرفضُ مبدأَ القوةِ في حلِ المشاكلِ إنما يفتحُ المجالَ واسعا أمامَ الحكمةِ والوعي لإيجادِ المشتركاتِ والمصالحِ التي تؤمنُ للشعبِ مستقبلَه .

ولابدَ من أن أوجهَ كلماتي إلى أهلي الصابرين الذين عانوا الأهوالَ في الموصل ، والحويجة وبعض مناطق الأنبار : أقولُ لهم : قلبي معكم ، وإرادتي وفعلي يتعمدُ بالولاءِ لكم ، والدفاعِ عن حقكِم في حياةٍ كريمةٍ ومستقبلٍ يظللُ أبناءَكم ويمنحُهم الدافعَ والحافزَ لبناءِ حياةٍ جديدةٍ منفتحة .

يا أهلي في نينوى وصلاح الدين وبغداد وديالى والأنبار وكركوك وفي أية بقعة عراقية : كلُ ما فعلناه يخجلُ أمامَ معاناةِ طفلٍ ، أو آلامِ امرأةٍ ، أو دمعةٍ من عينِ شيخ .

لذلك يكونُ عهدُنا معكم ممهورا بالولاءِ المطلقِ لآلامِكم وطموحاتِكم وحقوقِكم ، ولن ندخرَ جهدا أو مالا أو امكانيةَ دون أن تتجهَ لكم عسى أن نكونَ أوفياءَ لتاريخ ينضحُ عزةً وإباءً وكرامة .

أيتها الأخوات

أيها الأخوة

في مؤتمرِكم هذا مؤتمر حزب للعراقِ متحدون ، تنتظر جماهيرُنا في نينوى والأنبار وصلاح الدين وبغداد وديالى وكركوك وفي كل بقعة عراقية ، تنتظرُ أن يكونَ صوتُ حزبِكم وفعلِه منسجما مع ما هو مطلوب منه في هذه المرحلةِ الدقيقةِ الحاسمةِ من تاريخِ شعبِنا ، وأن يرتقي الصوتُ والفعلُ إلى ما يؤكدُ ثقةَ الجماهيرِ وصدقِ بصيرتِها ..

سيعلن المؤتمرُ نظامَه الداخلي ، وسينتخب أعضاءَ المكتب السياسي للحزبِ ، وسينشط في كل محافظةٍ عراقيةٍ تضمُ جمهورَ الحزبِ ومناصريه .

وأملُنا كبيرٌ في أن يرتقي العملُ ، ويستجيب لمستوى التحدياتِ الخطيرةِ التي نواجهُها ، لتشكيلِ وعيٍ وطني قادرٍ على خوضِ انتخاباتٍ حرةٍ نزيهةٍ تقوّمُ العمليةَ السياسيةَ وتصححُ مسارَها .

وليكن واضحا أن هدفَنا الإنسانُ العراقي في محنِه وانتصاراتِه

هدفُنا الارتقاءُ بالوطنِ ليكونَ سيداً مهاباً

هدفُنا أن يجدَ كلُ إنسانٍ عراقي ما يطمئِنُ مستقبلَه

عندها سيكون اسمُ متحدون ليس اسما لحزبِ أو كتلة ، بل عنوانا عريضا للردِ على مرحلةٍ سام فيها الإنسانُ العراقي شتى أنواعِ الظلمِ والقهرِ .

أتمنى لكم النجاحَ ، ولمؤتمرِكم التوفيق في حملِ رايةِ جماهيرِكم ، والسلام عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه ..