​تنظيم الدولة يتسبب بجفاف الأهوار وتصحر أراضٍ واسعة بالعراق

​تنظيم الدولة يتسبب بجفاف الأهوار وتصحر أراضٍ واسعة بالعراق

سدود المياه

تمر منطقة الأهوار جنوب العراق، بوضع مأساوي؛ بسبب عملية الجفاف التي تتعرض لها منطقتهم، من جراء غلق تنظيم "الدولة" سدود المياه، وتخفيض منسوب المياه الواصلة إلى جنوب العراق، بعد سيطرته على مصادر المياه، الأمر الذي يضطرهم إلى الرحيل عنها.

واعتبر متخصصون أن السيطرة على المياه أهم الأسلحة التي سعى "التنظيم" إلى امتلاكها، ونجح في ذلك، خاصة في العراق حيث يستطيع من خلال ذلك قطع المياه عن وسط العراق وجنوبه، وتعتبر الأهوار، وهي المسطحات المائية الشاسعة التي يعتمد سكانها في معيشتهم على تربية الجاموس، من المناطق التي ستنال أكبر نصيب من الضرر.

وشكا مواطنون ريفيون من محافظة ذي قار، جنوب العراق، من جفاف أغلب الأهوار وانخفاض منسوب مياه الآبار الارتوازية، محذرين من انقراض الزراعة والثروة الحيوانية في مناطق الجنوب.

وقال المواطن سالم بادي، أحد سكنة منطقة الجبايش، في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": إن أهالي منطقة الجبايش (100 كم شرق مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار) ومناطق أخرى جنوب العراق تعيش أوضاعاً إنسانية مزرية؛ بسبب جفاف الأهوار والآبار، وانخفاض مستوى مياه نهر الفرات إلى أدنى مستوياته خلال العامين الماضيين، خصوصاً خلال الأشهر القليلة الماضية من العام الحالي، مشيراً إلى أن أغلب مناطق الجنوب تعتمد على الثروة الحيوانية وأهمها السمك والجاموس، بالإضافة إلى الزراعة.

وأضاف أن "انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات بعد إغلاق تنظيم داعش سدود المياه في العراق وسوريا؛ تسبب بجفاف الأهوار وهجرة عشرات العائلات ممن اشتهرت بتربية الجاموس إلى مناطق أخرى؛ وذلك حفاظاً على ثروتهم الحيوانية لكونها مصدر العيش الوحيد لهم".

وحمل بادي الحكومة العراقية والقوات الأمنية مسؤولية ما يعاني منه أهالي مدن جنوب العراق من تصحر وجفاف وهلاك أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية، محذراً من هجرة أعداد كبيرة من العائلات إلى مناطق وسط العراق إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، وفق تحذيره.

من جهته، دعا محافظ ذي قار، يحيى الناصري، الحكومة المركزية لإنقاذ سكان المحافظة من العطش والجفاف والتدهور البيئي، محملاً وزارة الموارد المائية مسؤولية ما تتعرض له مناطق الأهوار في المحافظة من نكبة حقيقية.

وقال الناصري، في بيان حصل "الخليج أونلاين" على نسخة منه: إن "وزارة الموارد المائية لا تزال غير قادرة على إدارة ملف المياه بصورة صحيحة، فالإطلاقات المائية التي أعلنتها الوزارة مؤخراً لا أثر كبيراً لها على أرض الواقع، ولم تسهم بمعالجة مشكلة الشح والجفاف في حوض نهر الفرات وأهوار الناصرية".

وأضاف: "الضرر الحاصل في جنوب العراق، ولا سيما في أهوار ذي قار، كبير جداً من جراء سياسة الوزارة التي لم تراع الحاجة الفعلية للمياه، أو تأخذ بالحسبان المناطق التي في أسفل النهر"، مشيراً إلى أن "الإطلاقات المائية التي أعلنتها وزارة الموارد المائية مؤخراً لا أثر لها على أرض الواقع، ولم تسهم حتى الآن بمعالجة مشكلة شح المياه والجفاف الذي تتعرض له مناطق المحافظة".

وأعرب الناصري عن استغرابه من السياسة المائية التي تعتمدها وزارة الموارد المائية، المتمثلة بالسماح بزراعة الشلب في عدد من المحافظات، في الوقت الذي تموت فيه محافظات ومناطق أخرى من العطش، ولا سيما مناطق أهوار الناصرية التي تعرضت للتجفيف. وحذر الناصري من استمرار الوضع في مناطق الأهوار على ما هو عليه؛ لما تعيشه من نكبة حقيقية، فالأرض تشققت من العطش، والسكان يعيشون محنة الجفاف، والثروة الحيوانية والسمكية مهددة بالهلاك.

ومن جهتهم، حذر خبراء زراعيون من انخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات؛ خاصة أنه يأتي في وقت يعاني فيه العراق من قلة تساقط الأمطار، وانخفاض منسوب المياه الجوفية؛ ما يتسبب بتصحر أراضٍ واسعة في المناطق الجنوبية من العراق.

وقال المهندس الزراعي عواد مهدي، في حديث لـ"الخليج أونلاين": إن "آلاف العراقيين في محافظة الديوانية (193 كم جنوب بغداد) يعانون ندرة في المياه من جراء موجة جفاف شديدة تسببت بتصحر مساحة شاسعة من الأراضي الخصبة، كان يستغلها مزارعون في زراعة الحنطة والشعير والشلب والبطاطا والقطن وغيرها من المزروعات الأخرى".

وأشار مهدي إلى أن "سيطرة تنظيم داعش على أغلب السدود الواقعة على نهر الفرات، زاد من نسبة الجفاف والتصحر في المحافظات الجنوبية من العراق".

وأضاف: "ارتفاع نسبة التصحر في العراق زاد من معاناة العراقيين كثيراً، خاصة المزارعين ومربي الحيوانات؛ الأمر الذي سيتسبب بخسائر فادحة، ليس فقط لهذه الشريحة من الناس بل للعراق بشكل عام"، لافتاً إلى أن "داعش نجح باستخدام سلاح الماء الذي سعى كثيراً لامتلاكه بالسيطرة على مصادر المياه".

وفي هذا الصدد، حذرت مديرية بيئة الديوانية من زيادة نسبة التصحر؛ وذلك في ظل شح المياه وقلة تساقط الأمطار والإهمال الزراعي الذي تسبب بتصحر مساحات واسعة.

وكان تنظيم "الدولة" أغلق بوابات سدة الرمادي بعد سيطرته على المدينة منتصف مايو/أيار الماضي، وعمد إلى تحويل جزء من مياه نهر الفرات باتجاه بحيرة الحبانية؛ ما تسبب بانخفاض كبير ومتسارع في كميات المياه الواردة إلى المحافظات الجنوبية.


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

منطقة الأهوار  ,   مصادر المياه  ,   نهر الفرات  ,   داعش  ,