​المندوب السامي الايراني في العراق

​المندوب السامي الايراني في العراق

مجتبي حسيني

ميدل ايست أونلاين ...ماذا يفعل مجتبي حسيني في النجف وما هي وظيفته هناك؟

حسيني هذا هو نائب الولي الفقيه الايراني وممثله في العراق. وظيفة استحدثت مؤخرا وهي المرة الاولى التي يكون لخامنئي فيها نائب رسمي خارج ايران. ولأن الرجل ليس سفيرا عاديا وليست له صفة دبلوماسية فإن العودة إلى الحكومة العراقية في مسألة تعيينه هناك لم تكن ضرورية ولا ملزمة.

ثم هل في إمكان الحكومة العراقية أن تعترض على قرار يصدره خامنئي؟

في التفسير الرسمي للموضوع قيل إن حسيني هذا عين في منصبه في العراق ليشرف على تطبيق مبدأ ولاية الفقيه.

وإذا ما عدنا إلى الصراعات الخفية التي تجري بين المرجعيات الدينية الشيعية فإن وجود حسيني في النجف سيؤدي بالضرورة إلى سحب البساط من تحت أقدام السيستاني (ايراني) والنجفي (باكستاني) وسواهما من كبار رموز المذهب المقيمين أصلا في النجف.

ولكن ما معنى تطبيق مبدأ ولاية الفقيه؟

المسألة في حقيقتها لا تتعلق بالمذهب وأصول اوفروع العقيدة، فالسيستاني هو الآخر يؤمن بمبدأ ولاية الفقيه وإن اختلف في مسألة المساحة التي تقع عليها تلك الولاية. لهذا فإن الحديث عن مهمة دينية هو حديث ساذج.

المسألة هنا سياسية خالصة. ذلك لأن حضور ممثل الولي الفقيه وتنصيبه نائبا في العراق انما يشكل اعلاناً صريحاً للوصاية الايرانية.

اجراء شكلي من شأنه أن يضع الامور في نصابها.

فعدد كبير من اطراف ما يسمى بالعملية السياسية في العراق هم من أتباع الولي الفقيه أومن الموالين لإيران، من غير أن يصرحوا علانية بإتباعهم مبدأ ولاية الفقيه. هؤلاء كانوا في انتظار أن يحسم الولي الفقيه أمره ويعلن الولاية على العراق.

هل سيضفي وصول مجتبي وممارسته وظيفته نوعا مضافا من التعقيد على الازمة الطاحنة التي يعيشها العراق؟

لا أعتقد أن ايران تجهل أن عراقها لن يكون سوى ذلك الجزء الذي اختطفته الاحزاب والجماعات الدينية الموالية لها ووضعته تحت يدها. فهي لذلك لا تضع في منظورها أن تمد يدها إلى شمال العراق حيث الكرد قد انتهوا من اقامة دولتهم ولا إلى غرب العراق حيث وقع سنته أسرى حرب، تعجز أطرافها عن حسمها.

وكما هي ممتلكات المرجعية التي تمتد من النجف حتى البصرة فإن ايران سترسم حدود نفوذها في العراق، مكتفية بما يسميه أتباعها بالاقليم الشيعي الذي أتوقع أن دعاته لن يهنأوا في رؤيته مجسدا على الخرائط، ذلك لأن ايران ستبتلعه قبل أن تُرسم تلك الخرائط.

وصول مجتبي بوظيفته السامية إلى العراق سيشكل نقطة فارقة في ذلك المسعى.

فإيران تدرك أن المخطط الذي وضعته الولايات المتحدة موضع التنفيذ بعد احتلال العراق يمضي في اتجاه هدفه من غير معوقات تذكر. ولن يكون ذلك الهدف باقل من تقسيم العراق.

وهو هدف لا يتم الوصول إليه بعد أن تتوفر على الأرض الأسباب الموجبة له. ولن تكون تلك الأسباب موجبة إلا إذا رافقتها قناعة شعبية مفادها أن التقسيم هو الحل الذي تأمل من خلاله الاطراف كلها الوصول إلى البر الآمن.

ولو راجعنا فصول المأساة العراقية منذ التاسع من نيسان 2003 حتى يومنا الحالي مرورا بالحرب الاهلية التي استغرقت سنتين وجرائم تنظيم القاعدة والميليشيات الشيعية وصولا إلى ظهور تنظيم داعش ووقوع مدن عراقية كبرى تحت سيطرته لإدركنا أن كل ما جرى كان مصمما من أجل التأسيس لقناعة "دعونا نعيش بغض النظر عن مسمى ذلك المكان الذي نعيش فيه"، في التوقيت الايراني هناك شعور بأن لحظة التقسيم قد أزفت.

فلم يعد في إمكان سنة العراق في خضم مأساتهم أن يفسدوا شيئا من المخطط الاميركي. ستكون مكافأتهم أن يحرروا أراضيهم بأيديهم وهو ما لا يعني اعفاء حكومة بغداد من القيام بواجبها حسب بل ايضاً تهيئة البيئة الثقافية والنفسية للانفصال.

سيريح وجود مجتبي زعماء الشيعة من صراعاتهم المتوقعة حول من يحكم.

مجتبي هو الذي سيحكم.

بقلم: فاروق يوسف


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

مجتبي حسيني  ,   النجف  ,   نائب الولي الفقيه الايراني  ,   خامنئي  ,   العراق  ,