السيد أسامة النجيفي رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية في مقابلة خاصة مع قناة رووداو الإعلامية  2023/1/22

السيد أسامة النجيفي رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية في مقابلة خاصة مع قناة رووداو الإعلامية  2023/1/22

أسامة عبد العزيز النجيفي


أسامة النجيفي لرووداو: جهات سياسية تستغل وجودها في الحشد للسيطرة على أراضي في نينوى
رووداو ديجيتال

فيما يلي نص المقابلة:
رووداو: نود أن نبدأ من وضعكم الصحي. منذ فترة وأنتم بعيدون عن الإعلام والاجتماعات السياسية. ما السبب في ذلك؟

أسامة النجيفي: أنا بصحة جيدة والحمد لله، موجود ولكن مقل في الإعلام ولا أظهر إلا في الأوقات المهمة، التي تحتاج لرأيي أو تدخل معين، ولكني موجود وأمارس العمل السياسي وأتواصل مع القيادات العراقية ومع المواطنين، فالنشاط موجود، لكن يجوز أن لا ينعكس في الإعلام لأني لا أحب الظهور.

رووداو: هل تتواجدون في بغداد أم الموصل بشكل أكبر؟

أسامة النجيفي: عملي في بغداد، لكن أقوم بزيارات إلى الموصل لرؤية الناس والاطلاع على تفاصيل الوضع السياسي والاجتماعي، وفي نفس الوقت أرى الكثير من المحبين والأقارب والمواطنين الذين تربطنا معهم علاقات وثيقة.

رووداو: لنتحدث قليلاً عن الوضع في الموصل ومحافظة نينوى بشكل عام. كيف تقيّمونه في الوقت الحاضر؟

أسامة النجيفي: الموصل الآن بدأت تخرج من أزمة عنيفة، احتلال داعش الإرهابي للمدينة وعمليات التحرير والدمار الواسع الذي حصل، والحالة الاقتصادية التي تردت كثيراً بعد الحرب، وأيضاً الإدارات السيئة التي توالت على إدارة نينوى، بعض المحافظين الذين تجاوزوا على المال العام وأهدروا الأموال، وكذلك التدخلات من بعض الجهات السياسية من خارج المحافظة التي حاولت أن تستغل ضعف نينوى وتزرع مكاتب اقتصادية وجهات نافذة تتدخل في عمل الدوائر وخصوصيات الناس، وتحاول أن تكون مهيمنة على قرار نينوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، هذا الوضع لا يزال فيه بقايا وفيه تدخلات ولم تعالج الأمور بشكل نهائي، وأعتقد بأن الموصل في مرحلة تعافي، لكن ليست بالسرعة المطلوبة، وعوامل التأخير لا تزال حاضرة.

رووداو: كيف تقيّمون أداء إدارة الموصل في الوقت الراهن؟ وهل تدخلات الأطراف السياسية في شؤون الموصل لا تزال قائمة؟

أسامة النجيفي: نعم موجودة. الانتخابات في 2018 و2021 شابها تشوه كبير وتلاعب، وظهرت شخصيات نتيجة مقاطعة 80 أو 85% من أهالي محافظة نينوى للانتخابات، واستغلال المال السياسي وموارد الدولة والسلاح بأشكال مختلفة، والصورة لم تكن تمثل حقيقة نينوى وشعبها ومستواها السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وأدى هذا الأمر إلى دخول يد غريبة، ولدى بعض القوى السياسية من خارج نينوى تواجد وتتدخل في عمل الدوائر في قضايا المقاولات والعقود والإعمار، وكذلك تمهيدات سياسية يرايد من خلالها سلب إرادة نينوى الحقيقة وقرارها المستقل.

الموصل مدينة حضرية قديمة فيها شخصيات عظيمة وفيها تاريخ عميق، ولا يقل مستواها عن بغداد أو البصرة تاريخياً، لكنها الآن أصبحت تابعة للآخرين بشكل مهين لها ولتاريخها ولوجودها.

رووداو: كيف تقيّمون أداء إدارة الموصل الحالية؟

أسامة النجيفي: أعتقد بأن هناك خللاً في طريقة ضبط المال العام والسيطرة على الدوائر، وفي عدم القدرة على التصدي للتدخلات السياسية والعسكرية، ومن جماعات مسحلة وأحزاب من خارج المحافظة تعبث بمقدرات نينوى بشكل أو بآخر، وأعتقد بأن الإدارة الحالية غير قادرة على ايقاف هذا الموضوع، لأسباب تتعلق بالوضع السياسي والعلاقات في بغداد والقوى السياسية المهيمنة على نينوى وتمثيلها في البرلمان.

رووداو: بالمقارنة مع المحافظات الأخرى التي تعرضت لخسائر في حرب داعش مثل الأنبار، تعد نسبة الإعمار في الموصل قليلة. ما هو السبب برأيكم؟

أسامة النجيفي: تخصيصات نينوى لا تأتي بالكامل، وصندوق إعمار المناطق المحررة لا يصرف الأموال بطريقة عادلة، أي يصرف على الموصل 300 مليار دينار والأنبار ترليوناً و200 مليار دينار، مع أن الأنبار هي نصف الموصل. هذا خلل. لقد دمرت 40 ألف بيتاً في الموصل بالكامل مع البنية التحتية، وتعرضت المدينة لخسائر هائلة. أعتقد بأن هناك اجحافاً والقوى السياسية الموجود في نينوى الآن تحاول أن تتدخل بطريقة سلبية لسلب خيرات نينوى لجهات أخرى، وهذا هو السبب في ضعف نينوى وتخصيصاتها وإعمارها، ودورها السياسي الحقيقي.

رووداو: كيف تنظرون إلى دور الفصائل المختلفة التابعة للحشد الشعبي في نينوى والموصل؟

أسامة النجيفي: بعض الجهات تستغل القوات المسلحة والحشد والوجود السياسي لأغراض خاصة، أغراض تتعلق بكيانات حزبية وتجمعات مسلحة وأجندات خارجية، وهذه تؤثر سلباً على الوضع في نينوى. وما تسمى بالمكاتب الاقتصادية التي هي واجهات لبعض الأحزاب تحاول أن تتستر بالقوات الأمنية، سواء من الجيش أو الشرطة أو الحشد، في سبيل النفوذ والتدخل وفرض الإرادات، وهذا كله إجراء غير قانوني لكنه يؤثر على مستقبل نينوى وقرارها الحقيقي وحقوقها السيادية الموجودة في الموازنة، وفي توازن القوات المسلحة، وفي حرية أبناء نينوى في أن يتصرفوا بشكل كامل ضمن الدستور والقوانين المرعية. أعتقد بأن هناك تدخلات سلبية تحت أغطية مختلفة، وبواجهات سياسية مسلحة تؤثر سلباً، كما قلنا، على مصير نينوى.

رووداو: هل هناك تغيير ديموغرافي في حدود محافظة نينوى؟

أسامة النجيفي: هناك نوع من التمدد، وهناك جهات سياسية، التي كما قلنا، تستغل وجودها في الحشد وفي القوات المسلحة للسيطرة على الأراضي ومنع البناء في بعض المناطق، ومحاولة تسمية بعض المناطق بأسماء أقليات، والتصرف بعلوية تجاه حقوق المحافظة والقانون النافذ فيها، وهذه الأمور تشوّه الوضع، وأعتقد بأنها مؤقتة ولا يمكن الاستمرار فيها وهي مسألة غير طبيعية. المسألة الطبيعية هي تعاون وتفاهم الجميع والامتثال للقانون، وطبعاً ضعف الإدارة المحلية أدى إلى هذه التوغلات والتصرفات، وبعض الأيادي الخارجية تستغل مكونات نينوى لأغراض خارج المصلحة العراقية، مثل PKK في سنجار، وبعض الجهات السياسية التي تحاول أن تتستر بالدولة لتنفيذ أغراض ضيقة تتعلق بمصالح ومطامع شخصية.    

رووداو: أي المناطق في الموصل تشهد تغييراً ديموغرافياً أكثر من غيرها برأيكم؟

أسامة النجيفي: في الحقيقة ليس تغييراً ديموغرافياً بمعنى الحسم، أي السيطرة على الأرض واستبدال تسمياتها، لكنها محاولات لإيقاف تطبيق القانون. الدولة بمؤسساتها تستطيع الوصول إلى كل أرض الموصل ونينوى، وتعطي الناس حقوقها وتدافع عن المظلوم وتعالج الأشياء؟ هناك جهات تحاول أن تفرض واقعاً خارج هذا الإطار، وهي لم تستطع لحد الآن، ولن تستطيع أن تغير هوية المناطق بطريقة غير قانونية. إنها محاولات فاشلة ومدانة، وحتى من قبل قيادات هذه المناطق التي لا ترتضي بهكذا تصرفات تعكر الأجواء بين مكوناتها.

رووداو: هل تخشون تشييع الموصل؟

أسامة النجيفي: في السنوات الماضي وقبل سقوط المحافظة بيد داعش وما بعدها، جرت محاولات للتأثير على هوية نينوى. هوية نينوى متعددة، فيها أغلبية عربية سنية، وفيها شيعة من الشبك وتركمان، وكورد، وإزيديين وكاكائيين ومسيحيين، والتوازنات والحقوق معروفة، والأصل هو تفاهم بين هذه المكونات ضمن قوانين الدولة العراقية، لكن بعض الأطراف من خارج نينوى تحاول أن تغير هذه المفاهيم، وتستولي على بعض المناطق والجوامع والمراقد بحجة أنها تتبع للوقف الشيعي، وبطريقة غير قانونية وغير مسموح بها، ومحالة تغيير الواقع الذي هو واقع تاريخي من مئات السنين.

إثارة هكذا قضايا تعقد الأجواء السياسية والتفاهم والتآلف بين مكونات نينوى، وقد تم منعها في فترات سابقة قبل 2014 وذلك ضمن صلاحيات مجلس المحافظة والإدارة المحلية، لكن تدخلات واسعة حصلت بعد 2014 بأشكال مختلفة، وأحزاب سياسية تدعي أنها تدافع عن مذهب معين وقومية معينة وتحاول أو تسيطر تحت هذا الغطاء الديني، وهو أمر أعتقد بأنها لم تصل فيه إلى نتيجة لحد الآن، وهناك قضايا معروضة في المحاكم، تتضمن اعتراضات على هذه التصرفات، ومحاكم الموصل قد ردت الكثير من هذه الدعاوي لصالح أهل نينوى وحقوق التاريخية، لكن تم نقضها في بغداد بتأثيرات سياسية، وبات الآن سجالاً هنا وهناك، ونعتقد أنه في الأخير لا يصح إلا الصحيح، أي بقاء الأمور كما هي بأصلها وجذورها وأبعادها الاجتماعية الإيجابية لجمع جميع أهل نينوى ضمن بوتقة واحدة للتعايش المشترك.

رووداو: ما هي المخاوف الأمنية التي تواجهها الموصل في الوقت الراهن؟ وإلى أي مدى يشكل داعش تهديداً؟

أسامة النجيفي: بعد 2014 ومعارك التحرير، انتهى داعش تقريباً ولكن لا تزال بعض البؤر الإرهابية موجودة في بعض المناطق البعيدة، كالجزيرة أو الحدود أو سوريا أو بعض الجبال ذات التضاريس الصعبة، وتحصل حوادث بين وقت وآخر، لكن لا يوجد تهديد وجودي كبير، كما أن القوات الأمنية تتابع هذه الخلايا وتضربها في الوقت المناسب، فيما لا يزال التحالف الدولي يقوم بدور إيجابي في حرب الإرهاب بالتعاون مع الحكومة العراقية، لذا لا يوجد خوف كبير من هذه الجماعات، ولكن الاستمرار بملاحقتها وضربها أمر أساسي لقطع دابرها بشكل كامل. 

رووداو: لنتحدث عن اتفاقية سنجار. هل سينفذها السوداني برأيكم؟

أسامة النجيفي: هي كانت اتفاقية بين حكومة الكاظمي وإقليم كوردستان وفشلت حكومة الكاظمي في تطبيقها، والآن، حكومة السوداني هي حديثة العهد في العمل والمطلوب تطبيق الإتفاقية والخطر الأكبر على محافظة نينوى وإقليم كوردستان والعراق عموماً هو منظمة حزب العمال الكوردستاني PKK الإرهابية، التي تستغل الأرض العراقية وتحاول خلق كيان داخل الأراضي العراقية وهناك بعض الجهات السياسية تدعم هذه التوجهات وتستغل هذه الجماعة الإرهابية ضد خصومها السياسيين، وأعتقد أنه بالتعاون بين الجيش العراقي والبيشمركة وقوات التحالف فمن الممكن أن ينتهي هذا الخطر  لتعود الأرض العراقية حرّة، ويكون هنالك تفاهماً سياسياً لإدارة هذه المناطق بطريقة قانونية.

سنجار جزء من نينوى ويجب أن يتم فرض القانون فيها، والحالة الموجودة حالياً حالة تمرد وعصيان، وهو انقلاب على الدولة العراقية عموماً والشعب المتواجد في تلك المنطقة والذي عانى كثيراً جراء ذلك.

رووداو: هل هناك إرادة في بغداد لتنفيذ الاتفاقية؟

أسامة النجيفي: هنالك صعوبة الآن، إذ أن بعضاً من الجهات السياسية التي هي جزء من الحكومة، منهجها هو التنسيق مع الـ PKK وليس التصدي لها، فهل سيستطيع رئيس الوزراء فرض القانون؟، هذا سؤال كبير، وباعتقادي فإن رئيس الوزراء جاد في تطبيق القانون في العراق لكن الجهات السياسية الداعمة له، هل ستسمح له بهذا الموضوع؟، هذا محل استسفسار والأيام القادمة ستجيب على هذا السؤال.

رووداو: كيف تقيّمون أداء السوداني؟

أسامة النجيفي: لحد الآن أداؤه جيد، فيه تفاؤل وتاريخ الرجل جيد والبرنامج الحكومي به بوادر إيجابية، ولكن النجاح في تطبيقه وإبقاء الشركاء على تعاون أمر مقلق، وهناك مشاكل ستظهر عند إقرار الموازنة الاتحادية بعد أيام، وفي تطبيق قانون الانتخابات وفي العلاقة بين إقليم كوردستان وبغداد، وكذلك في ضبط السلاح لبعض الجماعات المسحلة ومحاربة الفساد المشترك فيه بعض القوى السياسية النافذة، فإذا استطاع رئيس الوزراء تجاوز هذه العقبات، فسيكون ذلك أمراً تاريخياً ومهماً. بالتأكيد هو جاد، وقد التقيته قبل أيام وسمعت منه كلاماً طيباً، فسنراقب الوضع، ونحن الآن معارضة، إذا كان هنالك إداء مبشر ولمصلحة الشعب العراقي، فسنكون داعمين، لكن إذا فشلوا فأعتقد القوى السياسية التي في المعارضة، سواء التيار الصدري أو نحن أو الأطراف غير المشاركة، و80% من الشعب العراقي غير المشارك في الانتخابات، سيكون لها كلاماً آخر.

رووداو: قبل أيام أدلى السوداني بتصريحات ملفتة تتعارض مع مواقفه السابقة حول وجود القوات الأجنبية والأميركية. كيف تنظرون إلى هذا التغيير في موقف السوداني؟

أسامة النجيفي: رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، لديه إطلاع على الوضع الأمني ونشاط داعش وقدرة العراق على التصدي لهذا الخطر، ووضع الجيش العراقي بالنسبة للوضع الإقليمي، وتصوارته دقيقة، وعندما يطلب بقاء القوات هذا يعني وجود حاجة إلى قوات التحالف، وهذا ينطلق من مصلحة عراقية، وبالتأكيد القوى التي تدعم السيد السوداني موافقة على هذا الكلام، لأنه لا يستطيع السيد السوداني تجاوز كل القوى السياسية الداعمة له، وهي قوى معروفة ومواقفها السابقة كانت ضد هذا الأمر، وأعتقد هي من أعطته الضوء الأخضر على هذا التصريح.

رووداو: هل تعكس تصريحات السوداني موقف الإطار التنسيقي أيضاً؟

أسامة النجيفي: أنا أعتقد ذلك، لأنه لم يظهر معارضة لكلام السوداني من قوى سياسية داعمة له، والسيد السوداني استقبل بريت مكغورك، كما سيصل وزير الخارجية السيد فؤاد حسين إلى واشنطن بعد أيام لبحث العلاقات الستراتيجية، والسيد السوداني والقوى السياسية الداعمة للحكومة تنظر بقلق للاقتصاد العراقي ووضع الإرهاب، ولوضع قدرة العراق، وهي تتحرك في محاولة للنجاح، لأن عدم الواقعية السياسية سيؤدي إلى سقوط الحكومة، إذ من الممكن أن يتدهور الاقتصاد بشكل كبير، وأن ينشط داعش مجدداً، لذا أعتقد أنها مسألة ضرورية والقبول بتواجد قوات التحالف ليس مخلّاً بالسيادة العراقية، هي مسألة أمنية باتفاقية تحتاج إلى تعاون أمني ضمن حدود وأعداد معروفة، وأماكن تواجد مشخصة، وهذا أمر طبيعي، فإن كل دول العالم تحتاج تحالفات ومساعدات وهناك اتفاقيات أمنية، فلا بأس في هذا الموضوع، وأنا أعتقد أن السيد السوداني والقوى الداعمة له، تتحرك من مخاوف تراها وتعتقد أنه من الضروري أن يكون هذا الموقف، إلا إذا ظهرت معارضة بالأيام المقبلة، في البرلمان أو من القوى السياسية عكس تصريح السيد السوداني ومنهجه السياسي.

رووداو: سياسيون من الشيعة والسنة قالوا في تقرير صدر مؤخراً إن البرلمان عاش عصره الذهبي في فترة رئاستكم. كيف تقيّمون أداء محمد الحلبوسي؟

أسامة النجيفي: المقارنة المجردة غير صحيحة، لأن الاوضاع اختلفت كثيراً، لأن الظروف الأمنية والسياسية وكذلك شكل الحكومة، وشخصية رئيس الوزراء، ونوعية البرلمانيين، مختلفة عن الواقع الحالي، لذا المقارنة بشكل كامل غير صحيحة، لكننا في ذلك الوقت كنا نبذل جهوداً لتثبيت الديمقراطية في العراق، وكان هنالك انحرافاً في منهج الحكومة في الفضل بين السلطات ومحاولة هيمنة السلطة التنفيذية والسلطتين التشريعية والقضائية، وكرئيس للبرلمان وأغلبية القوى السياسية البرلمانية، كانت ضد هذا المنهج، وحاولنا إقالة رئيس الوزراء آنذاك، وتصدينا لهذا الموضوع على مدى سنوات، وحاولنا الحفاظ على البرلمان وشخصيته الدستورية، وتأثيره على الرقابة ومحاولة تعديل المسار، فكان الوضع فيه الكثير من المحطات المهمة. أما الآن فالعلاقة بين الحكومة والبرلمان إيجابية ولا توجد مشاكل، والأوضاع الأمنية أكثر هدوءاً واستقراراً، وتشخيص هذا الموضوع نتركه للتاريخ، لكنني أعتقد وجود مشاكل في الوضع الحالي وعدم انسجام في البرلمان، ونوع من صعود التطرف في بعض القوى السياسية التي تضغط على رئاسة البرلمان والتشريعات والوضع العراقي عموماً، فالحكم نتركه للتاريخ، والحقيقة أنني أفتخر بما قمت به وإخواني في الدورة الثانية ولا نقول أننا نجحنا بالكامل، لكننا حاولنا قدر الإمكان، فهناك نجاحات وإخفاقات، والتقييم سيأتي من قبل التارخ والمنصفين حول الوضع الحالي.

رووداو: كيف تقيّمون علاقتكم مع محمد الحلبوسي؟

أسامة النجيفي: حقيقة لا توجد علاقة، ولا يوجد تواصل بيننا منذ 3 سنوات، والمنهج السياسي مختلف تماماً، كما أن هناك عدم رضا، وبالنسبة لي فأنا غير مقتنع بالأداء السياسي الذي يقومون به، ولا توجد علاقة شخصية، إذ أن هناك تبايناً في العمر والمواقف والقناعات، لهذا لا يوجد تواصل. 

رووداو: هل بمقدوره أن يقود السنة في العراق؟

أسامة النجيفي: لا يوجد قائد للسنة، السنة كعراقيين لديهم تاريخ عريق ومحبين لبلدهم ووطنيتهم كالشيعة الكورد والتركمان وبقية المكونات العراقية، والوظيفية السياسية لا تعني القيادة وتزعم المكون، لأن رئيس البرلمان وظيفة تأتي من انتخابات سواء كانت صحيحة أو متلاعب بها، لكن هذا لا يعطيه الشرعية لقيادة المكون، وسيقوم بدوره ضمن إطار عمله، والسيد الحلبوسي ليس زعيماً للسنة، وأنا حينما كنت رئيساً للبرلمان لم أكن زعيماً للسنة، ولا أدعي ذلك، والسيد السوداني ليس زعيماً للشيعة، وكذلك رئيس الجمهورية ليس زعيماً للكورد، إذا أحسن رئيس السلطة رئيس السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، فهذا سيكون تقييماً منفصلاً بالنسبة للتاريخ، لكن بمجرد الوصول إلى هذه الوظيفة ومحاولة استغلالها للتزعم على المكون والسيطرة على مقدراته والتكلم باسمه بشكل مطلق، بغض النظر عن الفعاليات السياسية والاجتماعية والعشائرية والمعارضة الموجودة، هذا أمر غير طبيعي، وهناك شخصيات في كل مكون أعلى وأكثر تأثيراً واحتراماً من الوظائف الموجودة في كل السلطات.

رووداو: لماذا لا يستطيع السنّة تشكيل جبهة مشتركة وواسعة أو أن يجتمعوا تحت مظلة واحدة؟

أسامة النجيفي: وحدة القرار والفهم والأداء السياسي، أمر غير طبيعي، فلا بد من وجود خلافات، ولدى الشيعة عدة أحزاب وشخصيات وقيادة والسنة والكورد كذلك، والكلام عن وجوب توحد السنة أمر غير منطقي، لكن على الأقل يجب أن يكون لدى السنة قضية يتفقون عليها، سواء كان الموجودون بالسطلة يسعون إليها أو في المعارضة يدعمونها، مع اختلاف وسائل تنفيذ هذا الهدف، فالقناعات مختلفة، إذا أنا مثلت الأسلوب أ والآخر ب، فالأسلوب الذي يقنع الجمهور سيحقق النتائج والانتخابات وسوف يعطى فرصة للتنفيذ، لكن أن نتفق جميعاً أمر غير منطقي.

رووداو: هل تمكّن تحالف السيادة من إدراج مطالب السنة ضمن برنامج تحالف إدارة الدولة لتشكيل الحكومة؟

أسامة النجيفي: هناك خلل في المطالب والفهم والحقوق، ليس كل من هو موجود في السلطة الآن يعرف ماذا يريد، أو ما هو المطلوب أو ما يريده الشعب فعلاً. قسم موجود حالياً في السلطة لأهداف شخصية، وأهداف سياسية ضيقة، تتعلق بمنطقته وعائلته وحزبه، لكن القضايا الوطنية أكبر من ذلك، لذا تحالف إدارة الدولة يجب أن يكون لديه قضية، والمكونات هي المهمة، لكن أن يقوم طرف من خلال السلطة التفوق طائفياً أو قومياً أو مذهبياً، فهذا خلل في المنهج الوطني، سيؤدي إلى مزيد من التباعد والفشل، لذا أعتقد أن قسماً من القيادات والنواب والقوى السياسية لا تعرف ماذا تريد، أو أهدافها ومراميها ضيقة الأفق، وليست بأهداف وطنية ترقى إلى حاجة الشعب.

رووداو: هل قلّت التدخلات الخارجية وتدخلات دول الجوار في شؤون العراق الداخلية؟

أسامة النجيفي: هي لا زالت موجودة، لأن الوضع العراقي لا يزال ضعيفاً، لذا فإن ضعف الوضع والخلافات السياسية وعدم وجود دولة مكتملة الأركان فيها مؤسسات وقوانين نافذة وإطار سيادي محكم، يسمح للآخرين بالتدخل وتحقيق مصالح غير شرعية او استغلال الأرض العراقية لأطماعهم وحل خصوماتهم مع الدول الأخرى او استغلال اقتصاد العراق وأمنه، كما كان في السابق وإلى الآن.

رووداو: كيف تنظرون إلى دور إيران في العراق؟

أسامة النجيفي: دور إيران سلبي في العراق، دور متدخل ولا يريد الخير للعراق، ويحاول فرض هيمنة ووجوداً غير شرعي في العراق، وأعتقد أن هنالك فرصة لبناء علاقات طيبة واحترام متبادل ولكن ما يظهر من السياسة الإيرانية على مدى سنوات هو عكس ذلك، وهناك استغلال للوضع العراقي وأرضه واقتصاده بشكل لا يفيد الشعب العراقي ومحاولة لسلب خيرات العراق بطريقة غير مشروعة.

رووداو: إذاً كيف تنظرون إلى دور تركيا في العراق؟

أسامة النجيفي: تركيا دولة مؤسساتية ومندمجة في المجتمع الدولي، في تحالف الناتو ولديها دور دولي إيجابي وعلاقات قوية، وأيضاً  مشاكل، ومشكلتها الأكبر هو وجود حزب العمال الكوردستاني في العراق وسوريا، ويمارس أعمالاً إرهابية، وهو تنظيم إرهابي في التصنيف الدولي وليس فقط من وجهة نظر تركيا، هذا الأمر عكّر العلاقة بين العراق وتركيا، ويؤدي إلى بعض المشاكل والتدخلات من حركات أمنية وعسكرية، عموماً العلاقة بين البلدين إيجابية، وهناك مئات الآلاف من العراقيين يذهبون إلى تركيا ويرتاحون لها، وهي لديها نشاط اقتصادي مهم في العراق، والإيجابيات تطغى على الخلافات بينها وبين العراق، وليس لديها مطامع في الأرض العراقية، أو تحاول فرض منهجها، لكن حل المشكلة الإرهابية سيعيد الأمور إلى طبيعتها بين البلدين.

رووداو: ما هي خططكم ومشاريعكم المستقبلية؟

أسامة النجيفي: منذ 2018 وأنا في مقاعد المعارضة، ولم نوفق في الانتخابات الأخيرة، ونعتقد أنه حصل توجه سياسي لإبعادنا عن الساحة من قبل جهات سياسية نافذة، من المال السياسي وبعض الجماعات المسلحة، ولا زالنا موجودين، وسنسعى في الفترة القادمة لتجديد نشاط الحزب للاستعداد للانتخابات المحلية ومن ثم العامة مع حلفاء آخرين، وتواصلنا الآن جيد مع قوى سياسية في بغداد أو نينوى وإقليم كوردستان بشكل إيجابي، من الممكن أن تخلق تحالفات مستقبلية وتحاولة تغيير الوضع العراق عموماً للأفضل.

رووداو: كيف تنظرون إلى التحالف الجديد الذي تشكّل في الأنبار؟

أسامة النجيفي: هناك عدم رضا من المنهج السياسي للسيد الحلبوسي وحركة تقدم، وبعض القوى السياسية شكلت جماعات معارضة وتحاول الدخول في الانتخابات لتنافس، وفي محافظات أخرى توجد نفس التوجهات، ومسألة السلطة والمعارضة مسألة إيجابية في الديمقراطية، لكن المطلوب من الجميع الالتزام بالقانون، وعدم استغلال موادر الدولة لاستهداف الخصوم، أو استغلال القضاء وأدوات الدولة بطريقة غير مشروعة، وهذا هو الفيصل في سير الدولة بالاتجاه الصحيح أو الانحراف.

رووداو: كيف هي علاقاتكم مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني والرئيس مسعود بارزاني؟

أسامة النجيفي: العلاقة مستمرة وإيجابية وصادقة، نحترمهم ويحترموننا، وتعاونا في الكثير من المحطات، وهناك بعض المشاكل والقناعات المختلفة، لكننا عموماً نتصرف كأخوة وجيران وأصدقاء، وبالتعاون المشترك نستطيع حل المشاكل والتعاون في بغداد بشكل إيجابي لمصلحة العراق عموماً. 

 


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

أسامة عبد العزيز النجيفي  ,   رووداو  ,