​صحافة / هل هناك مسؤول عراقي يخجل من اتهامه بالعمالة؟

​صحافة / هل هناك مسؤول عراقي يخجل من اتهامه بالعمالة؟

وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري

القدس العربي : استقبل وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري وفداً للمتمردين اليمنيين الحوثيين استقبالاً رسميّا وهو ما يمكن اعتباره في الأعراف الدبلوماسية شبه اعتراف بالمجلس السياسي الذي شكّله الحوثيون مع حليفهم الرئيس السابق علي صالح وهو يمثّل أيضاً إشارتين متعاكستين الأولى إيجابية باتجاه إيران التي تنيخ بكلكلها على خريطة العراق السياسية والعسكرية، والثانية عدائية نحو السعودية ودول الخليج العربي التي تقود حرباً طاحنة ضد الحوثيين في اليمن. الجعفري وصف تشكيل الحوثيين وصالح للمجلس السياسي بأنه «خطوة موفقة»، مؤكدا أن الدستور العراقي يؤكد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول (وإذا أراد أن يكون صادقاً كان عليه أن يضيف «إلا إذا كان تدخّلاً إيرانيّا»)، كما أشار إلى أن العراق «لا يسمح بالتدخل في شؤونه الداخلية»!

وكانت زيارة الوفد الحوثي قد سبقتها زيارة يوم الخميس الماضي من وزير الخارجية السوري وليد المعلّم «لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وتعزيز العلاقات بين البلدين»، وكلا الوفدين، تجمعهما مع العراق المظلّة الإيرانية، فيما تتعرّض هذه البلدان العربية لزلزال وجوديّ هائل تلعب فيه طهران دوراً رئيسياً يكاد يخرج كياناتها الاجتماعية من التاريخ الإنساني، ويجعل سكّانها كالعصف المأكول. لتأكيد الطابع الطائفيّ الفادح لزيارته أجرى الوفد الحوثي أيضاً لقاءات مع القوى الشيعيّة العراقية كالمجلس الأعلى الإسلامي ورجال دين شيعة وقادة ميليشيات شيعيّة مسلّحة عبّرت، بالطبع، عن تأييدها لـ«المجلس السياسي».

مقابل هذه السابقة السياسية العراقية نحو الحوثيين تعهّد الأخيرون بتسليم عشرات من الخبراء العسكريين العراقيين المقيمين في اليمن والذين كانوا موجودين منذ أيام العهد العراقي السابق أو لجأوا إلى اليمن بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وهي خطوة بائسة تعرّض حياة هؤلاء الضباط العراقيين الشرفاء للخطر وتجلّل من سيفعلونها بالعار. في سياق هذه التحرّكات السياسية للحكومة العراقية يأتي أيضاً إعلانها رغبتها في طرد السفير السعودي ثامر السبهان. إضافة إلى انتقاده للممارسات البشعة التي تمارس ضد المكوّن السنّي بدعاوى الإرهاب والتكفير والبعث، فإن خطيئة السفير القاصمة كانت اعتباره أنه مهدّد بالاغتيال وذلك بعد تصريح لأحد زعماء الميليشيات الشيعية بأن «قتل السبهان شرف». بدل أن تقوم الحكومة العراقية بالطلب من الأجهزة الأمنية والقضائية ملاحقة أمير حرب يهدّد سفير دولة عربية مجاورة فقد اعتبرت تصريح السبهان اتهاماً من دون أدلّة وطلبت من وزارة الخارجية السعودية استبداله بسفير آخر.

لا يستطيع المرء أن يتفهّم بواعث الحكومة العراقية لهذه التصرّفات التي تسيء إلى أفرادها وتؤكد تبعيتها الفادحة لبلد أجنبيّ وخصوصاً عندما يقارنها بشخصيات الحكومات العراقية أثناء الاحتلال البريطاني للعراق والتي كانت بمجملها مناهضة للاحتلال، إضافة إلى أنها كانت شخصيات بناء وتأسيس للعراق الحديث. أحد هؤلاء، على سبيل التذكير، كان عبد المحسن السعدون، من مواليد الناصرية، والذي تقلد منصب رئاسة الحكومة أربع مرات ولكنه ظل دائما مناهضا للاحتلال ورفض التوقيع على معاهدة عام 1925 وقيل إنه انتحر احتجاجاً على مهاجمة بعض النواب لسياسته ووصفوها بالعمالة لبريطانيا! السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل هناك أحد من رؤساء وزارات أو وزراء العراق يخجل من وصفه بالعمالة لإيران (ناهيك عن أن ينتحر)؟