​ماذا وراء محاولات إسقاط حكومة العبادي في مرحلة مصيرية؟

​ماذا وراء محاولات إسقاط حكومة العبادي في مرحلة مصيرية؟

حكومة حيدر العبادي

بغداد ـ «القدس العربي»: توضحت هذه الأيام ملامح أهداف الحراك السياسي المحموم لاستجواب الوزراء في حكومة حيدر العبادي، إذ توضح للعراقيين ان الهدف منها هو إظهار فشل الحكومة ومحاولة اسقاطها من أجل عودة زعيم حزب الدعوة نوري المالكي لتشكيل حكومة جديدة بدلها. فبعد إقالة مجلس النواب لوزير الدفاع خالد العبيدي والنية بإقالة وزير المالية المخضرم هوشيار زيباري، أكد النواب الصقور من حلفاء المالكي، اعداد قائمة باسماء مجموعة وزراء ينوون استجوابهم تمهيدا لسحب الثقة منهم واقالتهم ومنهم رئيس الوزراء العبادي ووزراء الصحة والخارجية والتربية وآخرين، لاقناع الجمهور بفشل حكومة العبادي التي لا تخلو من اخفاقات كبيرة بحكم تورطها في المحاصصة السياسية وانتشار الفساد فيها. ورغم صمت نوري المالكي عن التعليق على الاتهامات بسعيه للعودة مرة ثالثة لرئاسة الحكومة، فان تحركاته الأخيرة ولقاءاته مع القوى السياسية والسفراء وترتيباته المبكرة للتحالفات الانتخابية تؤكد صحة التوقعات. وقد وجه العبادي في مؤتمر صحافي، تحذيرات إلى البرلمان بعدم عرقلة عمل الحكومة في هذه الظروف الحساسة.

وفي شأن آخر، شهدت العاصمة العراقية توافد وفود كردية تمثل أحزاب أربيل والسليمانية ولكنها جاءت كلا على حدة هذه المرة، في مسعى إلى عقد اتفاقيات وتحالفات منفردة مع حكومة العبادي لحل أزماتها الداخلية. وتوصل وفد أربيل برئاسة رئيس حكومة الإقليم نيجرفان البارزاني إلى اتفاق نفطي لتصدير نفط كركوك وتقاسم العائدات ونال الاتفاق مباركة أمريكية. أما وفد الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة ملا بختيار فقد بقي لاسبوع في بغداد يجري لقاءات مع الحكومة والأحزاب دون الإعلان عن نتائج تلك الجولة. وفي تطور لافت في السليمانية، أعلن بعض قادة الاتحاد الوطني الكردستاني، تشكيل «مركز قرار الحزب» الذي عده الجميع انشقاقا عن الحزب الذي يرأسه جلال الطالباني، العاجز عن قيادة الحزب بسبب المرض والتقدم في السن، حيث عكس القرار، خلافات حادة تعصف بقيادات الحزب وعدم القدرة على توحيد مصدر القرار فيه، الأمر الذي دفع شخصيات من كوادر الحزب إلى توجيه انتقادات علنية ضد قيادته. وحتى حركة التغيير التي سبق وانشقت من الاتحاد الوطني، دعت قادة الاتحاد إلى عدم التصعيد في المواقف والتصريحات، ونصحتهم بالجلوس إلى الحوار لتجاوز الخلافات.

ومع اقتراب معركة تحرير الموصل وباقي المناطق من تنظيم «الدولة»، عادت بعض القوى السياسية في المحافظات السنية وخاصة الموصل وكركوك، إلى العزف على وتر المطالبة بإعلان الأقاليم، ما يعكس القلق والمخاوف لسكان تلك المناطق من مرحلة ما بعد تنظيم «الدولة» والخشية من عودة سياسة الاقصاء والانتهاكات التي تكررت في المناطق المحررة والتي كانت أحد أسباب ظهور ونمو التنظيمات المتطرفة مثل القاعدة و«الدولة». وعزز تلك المخاوف اصرار قادة الميليشيات المنضوية ضمن الحشد الشعبي على المشاركة في معركة الموصل رغم الرفض الواسع من أهالي المناطق وقواها السياسية. كما اتبعت سلطات بعض المحافظات مثل صلاح الدين وبابل وديالى، وبضغوط من بعض القوى السياسية والميليشيات، سياسة تعزز الاقصاء وتبتعد عن دعوات المصالحة الوطنية، عندما أصدرت قرارات بترحيل عائلات من مناطقها، بحجة تورط أحد ابنائها في التعامل مع تنظيم «الدولة»، في خطوة عدها القانونيون، مخالفة صريحة للقانون والدستور العراقي الذي يؤكد على عدم معاقبة العائلات لجريمة ارتكبها فرد واحد منها.

وفي شأن آخر، عبرت السياسة الخارجية العراقية عن استمرار المواقف المؤدية إلى إثارة مخاوف الدول العربية من انقياد حكومة بغداد لمسايرة المشروع الإيراني في المنطقة، عندما استقبلت العاصمة العراقية رسميا، وفدا للانقلابيين الحوثيين حلفاء إيران في اليمن وأيدت تشكيله لمجلس سياسي بمشاركة أتباع المخلوع صالح، ضاربة عرض الحائط قرارات دولية وعربية لحل الأزمة اليمنية، بالتزامن مع طلب الخارجية العراقية التي يرأسها ابراهيم الجعفري، القيادي في حزب الدعوة، من السعودية استبدال سفيرها في بغداد بحجة تصريحاته التي عدتها بانها تدخل في الشأن العراقي، وكان العراق ليس ساحة مفتوحة يسرح فيه بكل حرية سفراء ومخابرات ومستشارون وميليشيات وطائرات العديد من الدول، فلماذا يتم التركيز على تصريحات السفير السعودي فقط؟ وتتمثل خطورة المواقف الرسمية الحكومية بأنها لم تراع مصالح العراق وعلاقاته مع الدول العربية عموما والخليجية منها التي قدمت الكثير من المساعدات للشعب العراقي في ظروفه الحالية.


شارك الموضوع ...