استقالة رئيس لجنة اختيار مفوضية الانتخابات العراقية تحت ضغوط سياسية
استقالة رئيس لجنة اختيار مفوضية الانتخابات العراقية تحت ضغوط سياسية
بغداد ـ «القدس العربي» : أكد نائب رئيس مجلس النواب رئيس لجنة خبراء اختيار المفوضية الجديدة، آرام الشيخ محمد، تقديمه استقالته من رئاسة اللجنة المكلفة باختيار أعضاء جدد للمفوضية، ما يشكل ضربة لآمال تشكيل مفوضية محايدة ومستقلة بعيداً عن تأثير الأحزاب الكبيرة.
وقرر حسب بيان صادر عنه أن يستقيل من رئاسة اللجنة نظرا «لملاحظات أعضاء لجنة الخبراء حول وجوده في اللجنة وتحقيق التوازن، وبناء على آخر اجتماع لهيئة الرئاسة للحفاظ على سياقات عمل اللجان لاختيار رئاسة اللجنة فيما بين أعضائها».
وطلب، «من هيئة رئاسة المجلس اتخاذ الإجراءات اللازمة حسب القانون والنظام الداخلي لانتخاب رئاسة جديدة للجنة».
وذكر مصدر في البرلمان لـ«القدس العربي»، إن «استقالة آرام الشيخ من اللجنة البرلمانية، يعكس خلافات كبيرة بين أعضاء اللجنة المكلفة باختيار أعضاء مفوضية الانتخابات ويسبب إحراجا للكتل السياسية الكبيرة، وسيكون على البرلمان أن يختار رئيسا جديدا للجنة الخبراء في حال وافق على طلب إعفاء شيخ محمد من رئاسة لجنة الخبراء».
وأشار المصدر إلى أن «أكثر الكتل التي تسعى لفرض مرشحيها في لجنة المفوضية هي كتلة القانون برئاسة نوري المالكي، التي تدافع عن المفوضية الحالية ولا ترغب بمفوضية جديدة تكون بعيداً عن تأثيرها».
وكان مجلس النواب شكل، في 7 كانون الثاني/يناير الماضي، لجنة خبراء تضم 28 نائبا ويرأسها شيخ محمد، مهمتها اختيار أعضاء مفوضية الانتخابات الجديدة في البلاد، وذلك استجابة لضغوط الشارع والتظاهرات الكثيرة التي عمت مدن العراق، للمطالبة بتشكيل مفوضية انتخابات بعيدة عن تأثير الأحزاب الكبيرة لضمان العدالة والنزاهة في العملية الانتخابية.
وقد كشف عدد من النواب، عن تعرض الشيخ محمد إلى ضغوط شديدة من الكتل السياسية لفرض أعضاء موالين لها، وهو ما رفضه.
وأوضح النائب عن كتلة التغيير، أمين بكر، وهو عضو في لجنة الخبراء النيابية لاختيار أعضاء مجلس المفوضية، تعرض شيخ محمد، لضغوط سياسية دفعته لتقديم الاستقالة من رئاسة اللجنة. وبين أن شيخ محمد، دفع ثمن مهنيته وعدم استجابته لرغبات الأطراف السياسية.
وأضاف أن «هناك أطرافا سياسية حاولت بشتى الطرق فرض إرادتها على لجنة الخبراء وتمرير شخصيات ذات ميول سياسية، لكن رفض الشيخ محمد لتلك المطالب وعدم الرضوخ لها جعلها تبحث عن منافذ جديدة لإبعاده عن رئاستها».
وأعتبر أن «تلك الاطراف بدأت بالاحتجاج على رئاسة الشيخ محمد للجنة، بذريعة أن تولي شخص من كتلة التغيير الكردية لرئاستها يعطي أكثر من استحقاق الكتلة فيها، بالتالي اختار الشيخ محمد تقديم استقالته لعدم إفساح المجال لتلك الأطراف لإيجاد مبررات لإفشال عمل اللجنة».
وحسب بكر، فإن «استقالة محمد هي خطوة إيجابية تحسب له وتثبت مواقفه الوطنية البعيدة كل البعد عن التحزب أو استغلال المنصب لخدمة جهة سياسية على حساب جهات أخرى».
بدوره، أكد النائب مشعان الجبوري، أن استقالة الشيخ محمد سببها رفضه الاستجابة لإصرار الكتل السياسية على فرض مرشحيها في المفوضية الجديدة للانتخابات. واستبعدت النقيبة بالوكالة لنقابة المحامين العراقيين، أحلام اللامي، لـ«القدس العربي»، إمكانية تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات في العراق. وأوضحت أن الدستور العراقي بني أصلا على أساس المحاصصة، وبالتالي لا يمكن أن تكون مفوضية الانتخابات مستقلة، خاصة وأن تصويت البرلمان على أعضاء المفوضية التسعة، لا يمكن أن يمرر دون رضا الكتل السياسية عليهم.
وكان القيادي في كتلة الأحرار الصدرية، حاكم الزاملي، أكد أن «المفوضية العليا للانتخابات ووفق الآليات التي عملت بها سابقا، انتجت نماذج سيئة لتمثيل الشعب العراقي في البرلمان فيما ألحقت الغبن بنماذج مضيئة كان يجب أن تكون ممثلة في البرلمان وذلك كله عبر الابتزاز والمساومة مقابل مصالح حزبية وبسط نفوذ ومغانم». وأشار إلى أن «لدى بعض أعضاء مفوضية الانتخابات الحالية عقليات شيطانية، وتمكنوا من التأثير على نتائج الانتخابات السابقة» مؤكدا أن «مطلب تغيير أعضاء المفوضية لا يخص حزباً بعينه بل هو مطلب جماهيري».
وأضاف: «هناك بعض الكتل البرلمانية تدفع إلى عدم تغيير قانون وأعضاء مفوضية الانتخابات، لأنهم مستفيدون من بقائها، بل إن عددا من أعضاء المفوضية هم في حقيقة الأمر أذرع لهذه الأحزابـ«.
ووفق مراقبين، فإن مفوضية الانتخابات السابقة لعبت دورا رئيسيا في وصول كتل معينة إلى البرلمان والحكومة وإبعاد قوى وطنية عنهما، ولفتوا إلى أن ملاحظات كثيرة أثارتها قوى سياسية عن مدى استقلالية مفوضية الانتخابات وعن علاقاتها بالأحزاب الكبيرة، ما جعل مطلب تغييرها أحد أهم مطالب التظاهرات الحاشدة التي عمت مدن العراق للمطالبة بإصلاح الأوضاع في العراق.
وتعد استقالة رئيس لجنة الخبراء آرام الشيخ محمد، ضربة للآمال الضئيلة في إمكانية تشكيل مفوضية انتخابات جديدة بعيدة عن سيطرة الأحزاب الكبيرة.