كركوك: استهداف التركمان والعرب يزداد عقب الاستفتاء
كركوك: استهداف التركمان والعرب يزداد عقب الاستفتاء

بغداد ـ «القدس العربي»: تترقب الأوساط السياسية والمحلية في محافظة كركوك، ما ستنتجه سلسلة الإجراءات الحكومية المتخذة؛ على خلفية إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان العراق في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، مع استمرار الاضطراب الأمني في المحافظة، وسيطرة «مجاميع مسلحة» على جميع مفاصل المدينة «المتنازع عليها».
المدينة المنعزلة عن الحكومة الاتحادية منذ عام 2005، لم «تعترف» بأي قرار يُتخذ في بغداد، وتُدار ـ من ذلك التاريخ، سياسياً وأمنياً واقتصادياً من قبل المحافظ حصراً، الأمر الذي أسهم في ارتفاع وتيرة «الجريمة المنظمة» وسط غياب «سلطة الدولة»، حسب مصادر.
إجراء الاستفتاء في كركوك، أسهم إلى حدّ كبير في زيادة سخط الأهالي من ممارسات الحكومة المحلية، التي يعدّونها بأنها «غير شرعية»، وتسعى لتحقيق مكاسب «قومية وسياسية».
في هذا السياق، يقول رئيس مؤسسة إنقاذ التركمان، علي أكرم، لـ«القدس العربي»، إن «الإجراءات الحكومية الأخيرة بشأن الاستفتاء، يجب أن تجد طريقها إلى التنفيذ ـ خصوصاً الفقرة التي تحدثت عن متابعة من أسهم في إجراء الاستفتاء قضائياً، لا سيما بعد أن صوّت عليها البرلمان، وكسبت الشرعية من السلطة القضائية».
وأضاف: «الأحزاب الكردية كانت تعتمد سابقاً على ازدواجية الموقف الدولي في التعامل مع العراق (…) الموقف الدولي كان يتعامل مع جهتين، (بغداد وأربيل) ولم يتعامل مع جهة واحدة ودولة ذات سيادة ومركزية واضحة». ويرى أن «خطوة الاستفتاء لم تكن مدروسة، ولا نعلم ما هو الدافع الحقيقي للأحزاب الكردية منها، لكن الواقع يقول إنها جعلت الأحزاب الكردية في زاوية حرجة جداً»، مشيراً إلى أن «المجتمع العراقي وجميع المؤسسات الوطنية رفضت الاستفتاء، فضلا عن الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، باستثناء الترحيب الإسرائيلي».
كل تلك المواقف أعطت دعماً للحكومة المركزية بضرورة تنفيذ الالتزامات والفقرات التي ألزمت نفسها بها، ابتداءً من السيطرة على حقول النفط في كركوك، بعتبارها ثروة وطنية، وانتهاءً بالقضية الأمنية والمنافذ الحدودية، والسيطرة على كل واردات الإقليم وجعلها بيد الحكومة المركزية، على حدّ قول المصدر.
وعن ما ستجنيه محافظة كركوك من إجراءات الحكومة الاتحادية في بغداد، يقول: «محافظ كركوك مقال حالياً، حسب قرار البرلمان، وليست لديه أي صفة رسمية الآن (…) المحافظ لا يعترف برأي البرلمان، ويستند إلى كونه اختير للمنصب من قبل مجلس المحافظة، غير إن وجود الأخير غير شرعي، واختير في عام 2005 لدورة واحدة، وأنهى مهامه».
المحافظ يعتمد علي قوة كردية
وطبقاً للمصدر، فإن محافظ كركوك «يعتمد على وجود قوة عسكرية تابعة لحزبه (الاتحاد الوطني الكردستاني) في المحافظة (…) تستولي على النفط وإمكانات ومنافذ كركوك، فضلاً عن إن هذه القوة تحاول فرض سيطرته على المحافظة بشكل عام». واعتبر المصدر إن حل جميع المشكلات التي تعاني منها المحافظة، يأتي من خلال «فرض هيبة الدولة العراقية، بوجود قوة عسكرية اتحادية في كركوك».
واعتبر أيضاً إن الوضع الأمني المضطرب في كركوك «يرتبط بشكل مباشر بالملف السياسي للمحافظة، إضافة إلى وجود داعش في نحو 40٪ من محافظة كركوك (قضاء الحويجة)».
وأشار إلى إن «تحشيد قوات أمنية اتحادية في كركوك، يضمن عدم تنفيذ داعش لعمليات في المحافظة (…) زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي دعا يوم أمس (أمس الأول الخميس) بتسجيل صوتي، أتباعه إلى استغلال الثغرة بين الحكومة العراقية والإقليم في تنفيذ عمليات في محافظة كركوك».
وأطلقت القوات المسلحة المشتركة، أمس الجمعة، المرحلة الثانية من عمليات تحرير قضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك، والذي يعدّ آخر معاقل التنظيم في المحافظة.
وطبقاً للمصدر فإن «إكمال تحرير الحويجة في هذه الفترة بالذات، سيغلق الباب أمام أي خروقات من العصابات الإرهابية، كما إن فرض سلطة الدولة في الحويجة ومركز كركوك، سيسهم في حلحلة الأزمة الإدارية والسياسية في المدينة، فضلاً عن حل الأزمة الاقتصادية».
وعن إمكانية ضمان «تخلي» الأكراد عن محافظة كركوك الغنية بالنفط، أوضحّ رئيس مؤسسة إنقاذ التركمان إن «الأحزاب الكردية وافقت على مقررات الأمم المتحدة عام 1991، بقرار 988، الذي تحدث عن ملاذ آمن للأكراد ضمن حدود معينة (محافظات أربيل ودهوك والسليمانية)»، لافتاً إلى إنه «في فترة تولي بول بريمير (الحاكم المدني للعراق)، تم وضع حدود لإقليم كردستان ضمن هذا القرار أو ما يسمى بالخط الأزرق».
وعدّ تجاوز الإقليم إداريا وأمنياً واقتصادياً، «تجاوزاً على مقررات الأمم المتحدة قبل أن يكون تجاوزاً على المقررات الوطنية والدستورية العراقية».
ووفقاً للمصدر فإن «المفاوضات الحكومية والسياسية فشلت في حل هذا النزاع، الأمر الذي نتج عنه سرقة مليارات الدولارات من تهريب نفط المحافظة، من دون أن يستفيد أهالي كركوك سواء كانوا كرداً أم عرباً أم تركمان، من هذه الأموال».
وكشف عن وجود توجه «لتقسيم البلد وإدخاله بحرب أهلية»، مشبّهاً الاستفتاء بـ«ساحات الاعتصام» ـ التي شهدتها المحافظات السنية في فترة حكومة نوري المالكي، و«إدخال العراق في صراع وحرب من جديد».
استهداف «ممنهج» للعرب والتركمان
يمضي رئيس مؤسسة إنقاذ التركمان حديثه قائلاً: «منذ عام 2003، لم تشهد محافظة كركوك استقراراً، بسبب عدم وجود قوة أمنية مركزية، فضلا عن كون القوات المتواجدة في المحافظة معنية بحماية مكون واحد وهم الكرد».
وفيما عدّ الاستفتاء سبباً في «زيادة الخلل الأمني في كركوك»، أكد أن «العرب والتركمان معرضون دائماً إلى الإرهاب والقتل والخطف والجريمة المنظمة».
وأشار إلى أن «رفض الاستفتاء من قبل الجهات العربية والتركمانية في كركوك، أضاف سبباً آخر لزيادة ردود الفعل الأمنية ضدهم»، كاشفاً في الوقت عيّنه عن «استهداف البيشمركه والاسايش (قوة أمنية كردية خاصة) للمناطق التركمانية والعربية». وأوضّح أن : «الملف الأمني في كركوك ليس بيد جهة واحدة. حتى الكرد لا يتحركون عن طريق جهاتهم الرسمية فقط (…) لديهم البيشمركه والاسايش والـ PKK (حزب العمال الكردستاني)، الذي لديه هو الآخر عصابات كردية جاءت من خارج الحدود، وتمارس عملها وتستهدف المواطنين حسب أوامر من جهات عليا». لم يسمها، فضلا عن وجود «جهات أخرى متطرفة قريبة ـ إلى حدّ ما، من مجاميع إرهابية، إضافة إلى داعش، وعصابات الجريمة المنظمة».
وطبقاً لتصريح المصدر فإن «هناك قائمة بأكثر من 120 مجرماً، مسؤولاً عن الكثير من الجرائم التي تحدث في كركوك (…) قسم من هؤلاء المجرمين من أهالي كركوك، والقسم الآخر من خارج المدينة، متهمون بارتكاب جرائم القتل والخطف والابتزاز».
وتابع: «يتم القبض على هؤلاء بين فترة وأخرى، ويودعون في السجون ومن ثم يطلق سراحهم، من قبل أوامر من الجهات الأمنية في داخل كركوك».
«هؤلاء يتم استخدامهم من قبل الأحزاب الكردية للقيام بعمليات نوعية محددة ضد الأهالي والمدنيين وجهات سياسية، ثم يتم القبض عليهم، وترحيلهم أحياناً إلى سجون في السليمانية وأماكن أخرى خارج كركوك»، يقول المصدر.
وختم حديثه قائلاً: «عدم وجود حكومة حقيقية تحافظ على الأمن في كركوك، وعدم قدرة القضاء أيضاً في المحافظة على محاسبة أي مجرم، جعل الساحة مفتوحة أمام العصابات والمافيات والجهات الأخرى للعبث بأمن كركوك».
لا يوجد وسوم لهذا الموضوع.