منظمة دولية: جهاز الامن الوطني العراقي يدير “سجناً سرياً” في الموصل
منظمة دولية: جهاز الامن الوطني العراقي يدير “سجناً سرياً” في الموصل

بغداد/ الغد برس: كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الانسان، عن وجود سجن سري لجهاز الأمن الوطني العراقي في محافظة نينوى، يحتجز فيه أكثر من 427 معتقل، مطالبة الحكومة العراقية بتحديد الجهات التي لها الحق باعتقال واحتجاز المواطنين. وقالت نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة لمى فقيه، في تقرير اطلعت عليه "الغد برس"، ان "مسؤولي جهاز الأمن الوطني في بغداد اخبرونا أن وكالة المخابرات لا تملك أي سلطة لاحتجاز السجناء، لكنهم غيروا موقفهم عندما تمكنا من رؤية السجناء بأنفسنا. وعلى بغداد أن توضح علانية أي سلطات لها الحق في احتجاز واستجواب المعتقلين". واشارت المنظمة في تقريرها الى انه "في 17 نيسان الماضي، نفى مسؤول كبير في جهاز الأمن الوطني في بغداد إدارة أي مركز احتجاز، وادعى أن الجهاز يحتجز فقط أعدادا صغيرة من الأشخاص لمدة تصل إلى 48 ساعة قبل نقلهم إلى أماكن الاحتجاز الرسمي". وذكرت ان "جهاز الأمن الوطني يحتجز اكثر من 400 شخص في موقع غير رسمي، على ما يبدو، في شرق الموصل. وفي 4 تموز 2018، كان هناك 427 رجل، احتُجز بعضهم لأكثر من 7 أشهر".
واكدت المنظمة "سُمح للباحثين (باحثو المنظمة) بالدخول إلى المركز، حيث قال مسؤولون إن 427 سجين كانوا محتجزين في ذلك الوقت، وأكد مكتب بغداد عبر رد خطي أن الجهاز يحتجز سجناء في مركز واحد في الموصل، ثم انتقل إلى الحديث عن عدة مراكز احتجاز". وتابعت "بالنظر إلى التناقض الخطير بين البيانات والحقائق على الأرض، على الجهاز توضيح عدد السجناء المحتجزين وعدد المراكز المستخدمة. وعلى السلطات العراقية أن تعلن عن عدد مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء العراق، وعلى السلطات القضائية التحقيق في الادعاءات الواردة في هذا التقرير". واضافت "في 16 أيار الماضي، أجرت المنظمة مقابلة مع عالم الآثار فيصل جبر (47 عاما) الذي قال إن 3 ضباط في وزارة الداخلية يرتدون الزي العسكري ورجلين مسلحين يرتديان ملابس مدنية اعتقلوه في 3 نيسان الماضي في موقع أثري في شرق الموصل". وتابعت "قال أحد الرجلين لعالم الاثار إنه من مكتب رئيس الوزراء، وادعت المجموعة أنه (عالم الاثار) ليس لديه إذن ليكون في المكان واتهمته بإجراء حفريات غير قانونية في موقع تراثي عام".
ونقلت المنظمة عن جبر قوله "إنهم أخذوه أولا إلى مكتب استخبارات، قبل تسليمه إلى ضباط من جهاز الأمن الوطني، حيث استدعوا أحد القضاة لتأييد الاعتقال. لم يُعطَ جبر فرصة للتحدث إلى القاضي. ثم ساقه الجهاز إلى منزل من طابقين بالقرب من مكتب الأمن الوطني في حي الشرطة في الموصل". وأضاف جبر أنه "رأى في الطابق الأرضي من المنزل 4 غرف تُستخدم كزنزانات لاحتجاز السجناء، ويقدر أن ما لا يقل عن 450 سجين احتُجزوا معه، بحسب تعداد الأشخاص اليومي". وقال إنه "مثل أمام قاضي تحقيق في محكمة الجنايات في الموصل في 4 نيسان، ثم عاد إلى السجن ليلة ثانية وأُفرج عنه في اليوم التالي في انتظار المحاكمة. وعند وصوله إلى السجن، قال إن الحراس صادروا نظاراته وساعته وأغراض شخصية أخرى". تابع جبر أنّه "لدى الإفراج عنه، لم يعطِه الحراس حذاءه أو جواربه، وأرسلوه حافي القدمين، وأبقوا على حزامه، وسلسلة مفاتيحه، وسماعاته"، بحسب التقرير.
وقالت المنظمة "بالرغم من أن جبر احتُجز لمدة 48 ساعة فقط، قال إنه تحدث مع 6 رجال وصبي في الزنزانة معه، وأخبروه أن الجهاز احتجزهم لمدة تتراوح بين 4 أشهر وسنتين، وبعضهم نُقل إلى عدة مراكز تابعة للجهاز قبل الوصول إلى ذلك المركز تحديدا". وزار باحثو "هيومن رايتس ووتش" المركز في 4 تموز، وأراهم رئيس الجهاز في الموصل مبنى سجن جديد قرب المنزل الذي احتُجز فيه جبر. في المركز الجديد 3 غرف، احتُجز فيها 427 رجل، وفقا لمسؤول في الجهاز، بحسب التقرير. وقال المسؤول في الامن الوطني إنهم "نقلوا جميع السجناء دون 18 سنة إلى مركز آخر، ذاكرا أن بعضهم كانوا في السجن لمدة تصل إلى 7 أشهر". وقال مسؤول آخر في الجهاز، تحدث للباحثين بشرط عدم الكشف عن هويته، إن "بعضهم احتُجز لمدة تزيد عن عام، بعد أن نُقلوا من القيارة إلى برطلة، ثم إلى الموصل، عندما افتُتح مكان الاحتجاز هناك قبل 7 أشهر". وقال ضابط ثانٍ إنهم "كانوا يحتجزون السجناء في منزل مجاور، ولكن بعد ضغوط من بغداد، بنوا قبل بضعة أشهر مبنى السجن الجديد ونقلوا السجناء لتحسين الأوضاع. كانت الغرف الثلاث نظيفة ومكيفة، ولكن حالها حال السجون العراقية الأخرى، مكتظة للغاية".
ونقلت المنظمة عن رئيس الجهاز في الموصل قوله إن "جميع السجناء مطلوبون للانتماء إلى تنظيم داعش، ويُستجوبون قبل مثولهم أمام قاضي تحقيق أو تسليمهم إلى جهة أمنية أخرى، إذا كانت أسماؤهم على قواعد بيانات المطلوبين لدى تلك الجهة، بما في ذلك فرع الاستخبارات التابع لوزارة الداخلية أو المخابرات العسكرية". واشار الى انهم "يعتقلون الأشخاص فقط بعد الحصول على مذكرة اعتقال، وإن جميع المعتقلين يمكنهم الوصول إلى قاضٍ ومحامٍ خلال 24 ساعة من اعتقالهم". واشارت المنظمة الى ان نائب رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الزيرجاوي، اخبرها في 17 نيسان الماضي، إن "الجهاز لا يضمّ مراكز احتجاز شغالة، وإنّ المركز الوحيد في بغداد لم يتم تشغيله بعد". واضافت "كما اعترف بأن جهاز الأمن الوطني احتجز عددا صغيرا من الأشخاص لمدة تصل إلى 24 ساعة بعد إلقاء القبض عليهم في أحد مكاتبهم، قبل عرضهم على قاضٍ قد يسمح باحتجازهم لمدة 24 ساعة إضافية، بانتظار نقلهم إلى مركز احتجاز رسمي. أضاف أنّ الجهاز لم يحتجز أي معتقل أكثر من 48 ساعة".
وذكرت المنظمة في تقريرها انها ارسلت رسالة الى الزيرجاوي، في الاول من حزيران المنصرم، وجاءها الردّ من مكتب الزيرجاوي عبر تطبيق "واتساب" في 11 تموز الجاري. وبينت ان "مكتب الجهاز في بغداد اعترف في الرد المكتوب بأن الجهاز يحتجز المعتقلين في مركز واحد في الموصل بموافقة مجلس القضاء الأعلى في نينوى، وأن جميع المعتقلين يُحتجزون بموجب أوامر توقيف قضائية، ويمثلون أمام قاضٍ خلال 24 ساعة من الاعتقال، ويُنقلون إلى سجون وزارة العدل عند الحكم عليهم". واشارت الى انه "لم يقدم الرد أي تفاصيل عن أعداد المعتقلين أو عن مدة احتجازهم، ولكنه ذكر أنه يُسمح للمحتجزين بتوكيل محامٍ أو أن تنتدب المحكمة محاميا عن المتهم. ورد أيضا في الرد أن أغلب المحامين في محافظة نينوى يمتنع عن الترافع في قضايا الإرهاب، وأنه لا يوجد محتجزون دون سن الـ18".
لا يوجد وسوم لهذا الموضوع.