​ظافر العاني : معركة تحرير الفلوجة : من اجل انتصارات اكبر واخطاء اقل

​ظافر العاني : معركة تحرير الفلوجة : من اجل انتصارات اكبر واخطاء اقل

​ظافر العاني

المدار الاخباري - تكتسب معركة تحرير الفلوجة اهميتها لاعتباربن اساسيين : رمزية المدينة ، وشوكة الارهاب فيها .

فلاشك ان الفلوجة تمتاز برمزية قل نظيرها في الوجدان العراقي وفي الضمير الانساني معا.

فالفلوجة كما يطيب لاهلها تسميتها بمدينة المآذن لكثرة بيوت الله فيها . ولايتخيل احد ان كثرة مساجدها دليل على تعصبها ، طبعا لا ، فالغالب عليها هو الاتجاه الصوفي المعتدل، ثم ان سكانها حضريون سواء بسبب قربهم من بغداد او لازدحام المتعلمين فيها . انها مدينة محافظة فعلا لكنها بلا غلو ديني او تعصب عشائري .

والفلوجة ترتبط في الوجدان العربي والانساني بانها مدينة المقاومة اثناء الاحتلال الامريكي، يوم كانت المقاومة بطابع وطني خالص ( قبل ان يدخلها المتطرفون ) الى الحد الذي اشترك فيها متطوعون من جيش المهدي (قبل ان يدخل اليه المندسون ) ، وماتزال الفلوجة قبلة انظار العالم كحركة تحرر وطني حيث قدمت المدينة الاف الشهداء الذين لم يعرف احد اسماءهم ولا انتماءهم السياسي سوى انها شهامة العراقيين ضد المحتل . وقد انتشر اسم الفلوجة على لسان العرب فخراً واعتزازاً .

ويوم اختطف الارهابيون المقاومة وتسيّد عليها تنظيم القاعدة الارهابي وقبله التوحيد والجهاد ، كان الفلوجيون اول من تصدى له ودخلوا معه معركة شرسة بل وتبرأوا من ابناء المدينة الذين انضموا له وعلقوا صورهم في كل مكان كمطلوبين ، وفي النهاية قصموا ظهر القاعدة في مدينتهم .

ولاسباب عديدة كان ابرزها السياسات الطائفية الخاطئة التي اتبعتها السلطة السابقة وجدت الفلوجة نفسها من جديد وسط المواجهة ، واستغل الارهاب حنق الاهالي واحباطهم وضعف الاداء العسكري والامني فالتهم الفلوجة من جديد كنينوى وتكريت والرمادي وديالى وسواها ولتغرق الفلوجة في لجة الفوضى ويصبح اهلها رهيني الارهاب واليأس ، أو مهجرون ونازحون بلا مأوى .

ولأهميتها ورمزيتها، زج الارهابيون صفوة مقاتليهم في المدينة وكبار قادتهم وكرسوا لها اضخم امكانياتهم بما فيها الاعلامية ولذا فان معركة الفلوجة هي حد فاصل بيننا وبين الارهاب ولو كسبناها فسيكون ذلك ايذانا بالعد العكسي المتسارع لنهاية الارهاب في العراق .

وهاهي الفلوجة اليوم على مشارف التحرير ، انها تنتظر الخلاص والتحرير . ولذلك فان الحكمة تقتضي ان نصحح فيهاالاخطاء الكارثية التي رافقت المعارك السابقة وخلقت شرخا اجتماعيا كبيرا واخرت عمليات التحرير ردحا من الزمن فما الفائدة من ان تكسب جولة عسكرية فيما تخسر الناس وتخسر الحرب .

ولعل من مزايا معركة تحرير الفلوجة ان الانتصار العسكري فيها ليس صعبا كما تخيل البعض وهاهو الارهاب يترنح ، كما وان الاخطاء فيها اقل من السابق .

ولكن كيف نتلافى الاخطاء حتى تتلاشى ؟

المطلوب ان لاتبدو المعركة طائفية باي شكل حتى من خلال الترميز . لتكن المعركة وطنية بلا اي شوائب . ليس هنالك من مصلحة لاطلاق تسميات ذات بعد مذهبي للمعارك ، او اسباغ اوصاف مهينة على المدينة واهلها الكرام ، او تصريحات خادشة ، او رفع صور استفزازية فيها بعد سياسي متحزب ، ولعلكم لاحظتم ان اكثر المجموعات استفزازا للناس هي المجموعات التي لم تشترك في المعركة اصلا او ان مقاتليها من الفضائيين . انهم يريدون ان ينسبوا لانفسهم انتصارات وهمية على حساب البعد الوطني . وحسنا فعل الحكيم عمار حينما دافع عن الفلوجة واهلها وكذلك السيد العبادي وباقي القادة .

كما ولابد ان يكون هنالك دور اكبر لمتطوعي العشائر من المدينة سواء في المعارك او في مسك الارض بعد التحرير .

وان يتم اعتماد تزكية الشيوخ والوجهاء لابناء المدينة من شبهة الانتماء لداعش . وان لاتعتمد سياسة الارض المحروقة تجاه الفلوجة فالصواريخ والقذائف العمياء ستصيب المدنيين الذين اضطرتهم الظروف قهرا للبقاء فيها ، وسينجو الارهابيون تحت ستار الاحتجاجات المتصاعدة باستهداف المدنيين .

ابناء المدينة -كغيرهم - بحاجة لرؤية تعامل انساني معهم بلا تنكيل او استهداف او عقد انتقامية وان يبادر القادة الميدانيون الى محاسبة من ينتهك كرامة الناس .

لماذا نحتاج الى تلافي اخطاء التجارب السابقة ؟

ببساطة : لانها اخطاء . كما وان البعد الوطني والانساني والاخلاقي ليدعونا لتداركها .

ولكن ليست لهذه الاسباب وحدها وانما هنالك بعد أمني لايقل عنها اهمية . فمعركة الفلوجة ليست اخر معاركنا ضد الارهاب بل انها الفاتحة لها . ماتزال امامنا مدنا كثيرة محتلة وملاييناً من مواطنينا رهائن داعش ونحن بحاجة ان نبعث لهم رسائل طمأنة كي نضمن تعاونهم القادم حينما تحين لحظة التحرير . فعندما تكسب قلوب الناس في المدن المحتلة ستضمن تعاونهم معك ولن تعود هنالك حواضن للارهاب والمؤكد انه ستنخفض كلف المعركة وستكون التضحيات اقل .


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

​ظافر العاني  ,   معركة تحرير الفلوجة  ,