صحيفة بريطانية: “الانتقام” من المشتبه بهم بالانتماء لداعش وعائلاتهم سيكلف العراق غالياً
صحيفة بريطانية: “الانتقام” من المشتبه بهم بالانتماء لداعش وعائلاتهم سيكلف العراق غالياً

بغداد اليوم- دعت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها، السبت، إلى التوقف المباشر عن الاعتداءات المتزايدة في مدينة الموصل على المشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش وعائلاتهم، وتقديم المشتبه بهم لقضاء عادل يحاول التوصل إلى الحقيقة، والتحقيق عما إذا كانوا أجبروا على العمل مع التنظيم أم لا.
وقالت الصحيفة في الافتتاحية، إن "تزايد الأدلة على وقوع اعتداءات ضد المشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش، تزامن مع الإعلان عن تحرير الموصل من قبضة التنظيم، ومن تلك الأدلة شريط فيديو يظهر كيف ألقى جنود عراقيون مقاتلا مجردا من سلاحه من بناية عالية، بالإضافة إلى روايات عن اعتداءات طالت ليس المشتبه بهم فقط، بل عائلاتهم أيضا، وفيديوهات سابقة أظهرت وحدة قوات خاصة تقوم بتعذيب وإعدام مدنيين". ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قوله الأسبوع الماضي، بأن "الحكومة ستعلن عن اتخاذ إجراءات ضد أولئك الجنود، لكن ليس بعد؛ لأن ذلك سيفسد أجواء الانتصار"، على حد تعبيرها.
وتشير الافتتاحية إلى أن "هذه القصص والمشاهد تبدو مرعبة لمن يشاهدها على بعد آلاف الأميال، وستبقى في الذاكرة أطول من صور الجنود العراقيين الذين يرقصون احتفالا بالنصر، وبالرغم من الترحيب بالانتصار العسكري، لكن يبقى هذا نجاحا جزئيا، فقد يكون التنظيم، الذي اعلنه أبو بكر البغدادي في الموصل انتهى، ووصلت المعركة لاستعادة عاصمتها الرقة إلى مراحل متقدمة، لكن الصراع لم ينته بعد، فلا يزال التنظيم يسيطر على مساحات كبيرة، والأهم من ذلك هو ثبوت نظرية أن التنظيم سيلجأ إلى قواعده عندما يخسر الأرض، والدليل على ذلك شن الهجمات في المدن التي خسرها التنظيم، بالإضافة إلى أن المقاتلين الأجانب سيشكلون خطرا عند عودتهم إلى دولهم".
وأفادت الصحيفة بأن "هناك مجموعة رهيبة من التحديات ستحدد نتيجتها مستقبل العراق، وتتراوح هذه ما بين الجيوسياسية (كيف تؤمن بلدا عندما تكون المنطقة في ذلك المستوى من الاضطرابات، وفي وقت تتدخل فيه العديد من الدول)، إلى النفسية، حيث يقول الخبراء بأن أطفال الموصل يعانون من الضغط العصبي القاتل، وتطاردهم أشباح كوابيس اليقظة، بالإضافة إلى عدم تمكنهم من اللعب، أو التعبير عن مشاعرهم)، ونزوح عن الموصل وحدها حوالي مليون شخص، تحملوا حكم التنظيم الدموي والحرب للتخلص منه، التي كلفت أرواحا كثيرة، فمدينتهم مدمرة، وتكلفة إعادة البنية التحتية فقط تقدر بأكثر من مليار دولار"، مبينة أنه "ومع ذلك فإن خطة الأمم المتحدة للدعم الإنساني للعراق لم تحصل سوى على نصف التمويل، والحكومة لا تستطيع توفير أدنى متطلبات مواطنيها، فإنها لا تستطيع الحصول على ولائهم".
وتشدد الافتتاحية على أن "الحكومة العراقية لن تستطيع الحصول على ولاء مواطنيها في وقت تستمر فيه دورة الانتقام، وإن كانت رغبة الانتقام لدى الناس الذين خسروا أحبة لهم على يد التنظيم أمرا يمكن فهمه إنسانيا، كما يمكن تفهم شعور من تعرض للأذى من التنظيم بأن أعضاءه لا يستحقون العرض على محاكم، لكن المحاكم العادلة ضرورية، والاعتداءات تصرف خاطئ وتأتي بنتائج عكسية؛ لأنها ستولد متطرفي الجيل القادم كما ولدت هذا الجيل". وتلفت الصحيفة إلى تحذير القائد الأعلى للقوات الأمريكية في العراق بأن "على بغداد القيام بشيء ما بطريقة مختلفة تماما؛ لمنع قيام تنظيم داعش 2، فالبلد بحاجة لحل سياسي، يوفر الأمن للسنة، ويقنعهم بأنهم جزء من مستقبل العراق". وتؤكد الصحيفة "أهمية وقف الاعتداءات مباشرة، مع أن بعض من في الساحة يبرر بأن تلك الاعتداءاتتقع جزئيا بسبب عدم الثقة بالمحاكم لتتعامل مع أعضاء تنظيم داعش"، مستدركة بأن "محاكمتهم ومعاقبتهم ستساعدان على إعادة تلك الثقة، ويجب على المحاكم الأخذ بعين الاعتبار إن كان تورطهم مع التنظيم بسبب ضغط مورس عليهم، مع أن القليل متفائل في هذا المجال".
وختمت "الغارديان" افتتاحيتها بالتأكيد على "ضرورة محاكمة من يعتدي على من يشتبه بانتمائهم للتنظيم وعائلاتهم، بالإضافة إلى محاكمة أعضاء تنظيم داعش؛ لأن الجنود يعتقدون في الوقت الحاضر أن بإمكانهم القيام بأي أعمال دون الخشية من المساءلة، والمشاهد التي يتم نشرها تدل على استعدادهم لأن يتم تصويرهم وهم يعذبون المعتقلين، وعلى وجوههم ابتسامة، وحتى لو تمت محاكمة عدد قليل منهم، فإن ذلك سيساعد على كبح تلك التجاوزات القاتلة، وهذا ليس فقط لمصلحة العراق، وإنما لمصلحة كل الدول التي قد تجد نفسها تحارب تنظيم داعش 2 في العراق أو في بلادهم"، على حد تعبيرها.
لا يوجد وسوم لهذا الموضوع.