​سنجار بعد التحرير .. تهجير وتجريف!

​سنجار بعد التحرير .. تهجير وتجريف!

سنجار

كتابات - بدت القرية وكأن زلزالاً عنيفاً ضربها، فالمنازل تحولت إلى أكداس من الأنقاض فحسب' هكذا يصف أحمد علي قرية 'سيباية ام الدنابك' وهي إحدى القرى العربية شمال جبل سنجار.

علي الشاب الثلاثيني نزح وعائلته المكوّنة من (14) فرداً عن القرية في كانون الثاني (يناير) الماضي بعدما هاجم مسلحون آيزيديون القرى هناك إذ تحدثت منظمات حقوق الإنسان منها منظمة العفو الدولية عن تلك الأحداث.

يقول علي الذي يسكن قرب ناحية ربيعة في اتصال هاتفي أجراه معه مراسل 'نقاش' إنه راقب عبر الناظور من منطقة قرب قريته الجرافات وهي تهدم المنازل التي تم تشييد معظمها من الطين.

ويضيف 'قبل إسبوع أتمت الجرافات تحت حماية ميليشيا من الآيزيديين هدم القرية بأكملها بما فيها المدرسة والمركز الصحي والجامع، ثم انتقلت إلى قرية السايرالمجاوره وثمة قرى أخرى على القائمة أيضاً'.

الآيزيديون الذين نالوا حصة الأسد من الانتهاكات يتهمون جيرانهم من العشائر العربية بدعم تنظيم داعش ومساهمة بعضهم في خطف نسائهم وسرقة ممتلكاتهم، وبدأ يترتب حالياً على هذا الإتهام تحركات ضد العرب أحرقت الأخضر واليابس في ظل غياب سلطة القانون وتعدد القوى المسلحة هناك.

عبد الستار الطه أحد شيوخ العشائر العربية ظهر على وسائل إعلام محلية الإسبوع الماضي وقال إن 'مسلحين آيزيديين وعناصر من حزب العمال الكردستاني قاموا بتهجير نحو عشرة آلاف عربي من المناطق المحررة في سنجار وتجريف (22) قرية في الأشهر السبعة الماضية، فضلاً عن الاستيلاء على مساحات شاسعة من الحقول الزراعية'.

الطه قال إن 'حكومة إقليم كردستان قامت بتوفير الغطاء المناسب للمسحلين الآيزيديين لممارسة هذه الانتهاكات، ضمن مشروع إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة لضمان ضمها إلى الدولة الكردية مستقبلاً'.

كان قضاء سنجار الذي يعد منطقة مُتنازع عليها بين بغداد وأربيل يضم نحو (270) ألف نسمة وإلى جانب الآيزيديين والعرب السنة يضم نسبة بسيطة من الأكراد والشيعة.

الطه وآخرون اتصلت بهم 'نقاش' يتهمون الشيخ علي مراد أحد الزعماء القبليين للآيزيدية بـ'الوقوف وراء عمليات التجريف الأخيرة التي طالت قراهم وشملت منازل آلاف الأبرياء' وطالبوا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق من حكومة نينوى المحلية والبرلمان العراقي وممثلين عن حكومة إقليم كردستان لزيارة المنطقة والاطلاع على حقيقة ما يجري هناك.

مراسل نقاش تحدث إلى مراد الذي يقود مجموعة مسلحة تتمركز حالياً في مجمع 'كهبل' المحاذي للقرى العربية، إذ نفى حدوث تجريف للقرى العربية وقال 'عندما أخذوا نسائنا لم يتصل بنا أحد، لماذا تتصلون وتسألون عن المنطقة اليوم'؟.

في اليوم التالي عاد مراد واتصل بـالمراسل بعد انتشار بعض الصور عن المنازل التي تم تجريفها، وتحدث بلهجة شديدة قائلاً 'أنا المسؤول عن كل ما يقوم به الآيزيديون في القرى العربية التابعة لناحية سنوني فهؤلاء تورطوا في خطف نسائنا ونهب ممتلكاتنا وتدمير منازلنا'.

واستدرك 'هذه القرى أُقيمت على أراضٍ تمتد لأكثر من (56) ألف دونم ولدي ما يثبت إنها من أملاك عائلتنا وسوف أقوم باستعادتها بالقانون'.

الإجابات التي حصلنا عليها من المسؤولين الآيزيديين في سنجار كانت متباينة نوعاً ما، قائد البيشمركة قاسم ششو أقر بوجود تجريف على نطاق ضيق شمل منازل الأشخاص الذين انتموا لتنظيم 'داعش' أو تعاونوا معه.

أما مسؤول الأمن الكردي (الآساييش) في سنجار قاسم سمو، نفى ذلك تماما وقال : ان أية اعمال من هذا النوع في المناطق المحررة مخالفة للقانون ولن نتردد في اعتقال من يقوم بها والتعامل معه وفق القانون.

ما يعقِّد المشهد هناك هو الطابع القبلي لسكان المنطقة وما يترتب عليه من رواج لدعوات للثأر والانتقام المتبادل، وكذلك الخلافات الشديدة بين القوى السياسية والمسلحة الكردية التي تسيطر على سنجار، إذ انقسم على أساسها الآيزيديون بين جبهتين الأولى حزب الاتحاد الكردستاني وحزب العمال الكردستاني والثانية الحزب الديمقراطي الكردستاني ومعه قوات البيشمركة.

أطراف القضية لن يتفقوا في الأقل تحت هذا الظرف الحسّاس طالما مازال تنظيم داعش يسيطر على أجزاء من سنجار، سيما وإن وتيرة الاتهامات المتبادلة بين العرب والآيزيدية تتصاعد والأمور تتجه إلى المزيد من التعقيد في ظل غياب شبه تام لدعوات التهدئة والحوار.

أما العشائر العربية في الجهة الجنوبية من الجبل حيث السيطرة لتنظيم 'داعش' فهي تتوقع مصيراً مماثلاً لما حدث للقرى العربية شمال الجبل، سيما وإن الاتهامات الموجهة اليها من الآيزيديين أضعافاً مضاعفة.


شارك الموضوع ...

كلمات دلالية ...

سنجار  ,   آيزيديون  ,   عبد الستار الطه  ,   السنة  ,